إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه

          6704- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو سلمة المنقريُّ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضم الواو مصغَّرًا، ابنُ خالد قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ‼ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاس (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ ، أنَّه (قَالَ: بَيْنَا) بغير ميمٍ (النَّبِيُّ صلعم يَخْطُبُ) أي: يوم الجمعةِ، كما عند الخطيبِ في «المبهمات» وجواب «بينَا» قوله: (إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ) زادَ أبو داود(1): في الشَّمس (فَسَأَلَ) صلعم (عَنْهُ) أي: عن اسمهِ، أو عن حالهِ (فَقَالُوا): هو (أَبُو إِسْرَائِيلَ) قيل: اسمُه قُشَير _بقاف وشين معجمة_ مصغَّر، وقيل: يُسَير _بتحتية ثمَّ مهملة_ مصغَّر أيضًا، وقيل: قيصر _بقاف وصاد مهملة_ باسم ملك الرُّوم، وقيل: بالسين المهملة مصغَّر أيضًا(2)، وقيل: بغير راء في آخره، وزاد الخطيبُ في «مبهماته» فقال: إنَّه رجلٌ من قريشٍ. وقالَ ابنُ الأثير في «الصحابة» كغيره: إنَّه أنصاريٌّ. قال في «الفتح»: والأوَّل أولى؛ يعني: كونه قرشيًّا، ولا يشاركُه أحدٌ من الصَّحابة في كنيته (نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ) من الشَّمس (وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : مُرْهُ) أي: مرْ أبا إسرائيل، ولأبي داود: ”مُرُوه“ (فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ) من الشَّمس (وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) لأنَّه قربة بخلافِ البَواقي، والظَّاهر أنَّه صلعم علمَ منه أنَّ الصَّوم لا يشقُّ عليه.
          والحديث أخرجه أبو داود في «الأيمان»، وابن ماجه في «الكفَّارات».
          (قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ) بنُ عبد المجيد الثَّقفيُّ: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) مرسلًا لم يذكر ابن عبَّاس. قال في «الفتح»: تمسَّك بهذا من يَرى أنَّ الثِّقات إذا اختلفُوا في الوصلِ والإرسالِ يُرَجَّح قولُ من وصلَ لِمَا معَه من زيادةِ العلم إلَّا أنَّ وهيبًا وعبدَ الوهاب ثقتان، وقد وصلَه وهيبٌ وأرسلَه عبد الوهَّاب وصحَّحه البخاريُّ مع ذلك، والَّذي عرفناهُ بالاستقراء من صنيعِ البخاريِّ أنَّه لا يعمل في هذه الصُّورة بقاعدةٍ مطَّردةٍ بل يدور مع التَّرجيح إلَّا إن استووا فيقدَّم الوصل، والواقع هنا أنَّ من وصلَه أكثر ممَّن أرسله. قال الإسماعيليُّ: وصلَه مع وهيب عاصمُ بن هلال والحسنُ بن أبي جعفر، وأرسلَه مع عبد الوهاب خالدٌ الواسطيُّ. قال الحافظ ابنُ حجرٍ ☼ (3): وخالدٌ متقنٌ، وفي عاصم والحسن مقالٌ، فيستوي الطَّرفان فيرجَّح الوصل، وقد جاء الحديثُ المذكور من وجهٍ آخر فازداد قوَّة أخرجهُ عبدُ الرَّزَّاق، عن ابنِ طاوس، عن أبيهِ، عن أبي إسرائيل.


[1] في (ص): «ذرٍّ».
[2] قوله: «وقيل قيصر بقاف ... مصغر أيضًا»: ليس في (د).
[3] في (د): «قال ابن حجر».