الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب

          ░4▒ <باب> بغير ترجمة
          هكذا في متون «النُّسخ الهنديَّة» بدون التَّرجمة، وفي «نسخة الحاشية»: <باب: الحِيْلَة فِي النِّكاح>، وعلى هذا فالتَّرجمة مكرَّرة، لأنَّه سيأتي قريبًا: (باب: في النِّكاح) أمَّا على كون الباب بلا ترجمة فيكون تعلُّقه بما سبق مِنْ أنَّه باب مِنْ أبواب الحيلة، لكنْ يرد عليه أيضًا أنَّ الوارد فيه فروع النِّكاح، وسيأتي (باب: النِّكاح) قريبًا، فكان ينبغي للمؤلِّف أن يذكر هذه الرِّوايات فيه، وأمَّا على «نسخة الحاشية» فكلا البابين متعلِّقان بالنِّكاح نصًّا.
          والأوجَهُ عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ: أنَّ التَّرجمتين مِنَ الأصلِ الثَّاني والعشرين مِنْ أصول التَّراجم، والغرض مِنَ التَّرجمةِ الأولى الحيلة في إسقاط المهر كما تدلُّ عليه الرِّوايات الواردة في الباب، والغرض مِنَ التَّرجمةِ الآتية بيان الحيلة في إثبات النِّكاح بشهادة الزُّور، كما جزم به الشُّرَّاح بهذا الغرض في التَّرجمة الآتية.
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ في الباب الأوَّل: أي: هذا باب في بيان ترك الحيل(1) في النِّكاح، وقال بعد ذكر الحديث: لا مطابقة أصلًا بين التَّرجمة والحديث، حَتَّى قيل: إنَّ إدخال البخاريِّ الشِّغارَ في باب الحيلة في النِّكاح مشكلٌ، لأنَّ القائل بالجواز يبطل الشِّغار ويوجب مهر المثل. انتهى.
          وقالَ الحافظُ: قالَ ابنُ المنيِّر: إدخال البخاريِّ الشِّغار في باب الحيل مع أنَّ القائل بالجواز يبطل الشِّغار، ويوجب مهر المثل مشكلٌ، ويمكن أن يقال: إنَّه أخذه ممَّا نقل أنَّ العرب كانت تأنف مِنَ التَّلفُّظ بالنِّكاح مِنْ جانب المرأة، فرجعوا إلى التَّلفُّظ بالشِّغار لوجود المساواة الَّتي تدفع الأنفة، فمحا الشَّرع اسم الجاهليَّة، فلو صحَّحنا النِّكاح بلفظ الشِّغار وأوجبنا مهر المثل أبقينا غرض الجاهليَّة بهذه الحيلة.
          قالَ الحافظُ: فيه نظر، لأنَّ الَّذِي نقله عن العرب لا أصل له، لأنَّ الشِّغار في العرب بالنِّسبة إلى غيره قليل، وقضيَّة ما ذكره أن تكون أَنْكِحَتُهم كلُّها كانت شغارًا لوجود الأنفة في جميعهم، والَّذِي يظهر لي أنَّ الحيلة في الشِّغار تُتَصوَّر في موسر أراد تزويج بنت فقير فامتنع أو اشتطَّ في المهر فخدعه بأن قال له: زوِّجْنيها وأنا أزوِّجُك بنتي، فرغب الفقير في ذلك لسهولة ذلك عليه، فلمَّا وقع العقد على ذلك، وقيل له: إنَّ العقد يصحُّ ويلزم لكلٍّ منهما مهر المثل فإنَّه يندم إذ لا قدرة له على مهر المثل ببنت(2) الموسر، وحصل للموسر مقصوده بالتَّزويج لسهولة مهر المثل عليه، فإذا أبطل الشِّغار مِنْ أصله بطلت هذه الحيل. انتهى.
          قلت: وأمَّا حكم الشِّغار ومذاهب الأئمَّة فيه فقد تقدَّم في محلِّه مِنْ كتاب النِّكاح وحاصله أنَّه منهيٌّ عنه بالإجماع، لكن اختلفوا هل هو نهيٌ يقتضي بطلان النِّكاح أم لا ؟ فعند الشَّافعيِّ: يقتضي إبطاله، وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وعن مالك يفسخ قبل الدُّخول وبعده، وفي رواية: قبله لا بعده، وقال جماعة: يصحُّ بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد وإسحاق، وبه قال أبو ثور وابن جَرير.


[1] في (المطبوع): ((الحيلة)).
[2] في (المطبوع): ((لبنت)).