الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها

          ░9▒ (باب: إذا لم يُنْفِقِ الرَّجُلُ فلِلْمَرأَةِ أَنْ تَأخُذْ...) إلى آخره
          أي: مع حضور الزَّوج، فلا تكرار بما تقدَّم مِنْ (باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجُها) أو يقال: إنَّ الغرض مِنَ التَّرجمة الأولى بيانُ وجوب النَّفقة مطلقًا سواءٌ كان الزَّوج حاضرًا أو غائبًا، والغرض مِنْ هذه التَّرجمة أنَّ الزَّوج [إذا] لم يعطِها(1) النَّفقة فماذا تفعل هل تأخذ بغير إذنه أم لا؟
          قال الحافظ: أخذ المصنِّف هذه التَّرجمة مِنْ حديث الباب بطريق الأَولى، لأنَّه دلَّ على جواز الأخذ لتكملة النَّفقة، وكذا يدلُّ على جواز أخذ جميع النَّفقة عند الامتناع.
          ثُمَّ ذكر الحافظ فوائد عديدةً في شرح الحديث فقال: وفيه وجوب نفقة الزَّوجة، وأنَّها(2) مقدَّرةٌ بالكفاية، ثُمَّ ذكر الخلاف فيه، وقد تقدَّم في (باب: وجوب النَّفقة على الأهل والعِيال) ثُمَّ قال: وفيه اعتبار النَّفقة بحال الزَّوجة، وهو قول الحنفيَّة، واختار الخصَّاف منهم أنَّها معتبَرةٌ بحال الزَّوجين معًا.
          قال صاحب «الهداية»: وعليه الفتوى، والحجَّة فيه ضمُّ قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية [الطلاق:7] إلى هذا الحديث، وذهبت الشَّافعيَّة إلى اعتبار حال الزَّوج تمسُّكًا بالآية، وهو قول بعض الحنفيَّة، واستُدلَّ به على أنَّ مَنْ له عند غيره حقٌّ وهو عاجزٌ عن استيفائه جاز له أن يأخذ مِنْ ماله قدر حقِّه بغير إذنه، وهو قول الشَّافعيِّ وجماعةٍ، وتُسمَّى مسألةَ الظَّفَر، والرَّاجح عندهم لا يأخذ غيرَ جنس حقِّه إلَّا إذا تعذَّر حقُّ جنسه، وعن أبي حنيفة: المنع، وعنه يأخذ جنس حقِّه، ولا يأخذ مِنْ غير جنس حقِّه إلَّا أحد النَّقدين بدل الآخر، وعن مالكٍ ثلاثُ رواياتٍ كهذه الآراء، وعن أحمد المنعُ مطلقًا. انتهى.
          وقد تقدَّمت هذه المسألة في (أبواب المظالم والقصاص) فإنَّه قد ترجم المصنِّف هناك على حديث الباب بقوله: (قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه)، فارجع إليه لو شئت.


[1] في (المطبوع): ((يعطيها)).
[2] في (المطبوع): ((وأنا)).