الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

          ░8▒ (باب: ما جاء في صِفَة الجنَّة وأَنَّها مخْلَوقة...) إلى آخره
          أي: موجودة الآن، وأشار بذلك إلى الرَّدِّ على مَنْ زعم مِنَ المعتزلة أنَّها لا توجد إلَّا يوم القيامة، وقد ذكر المصنِّف في الباب أحاديث كثيرة دالَّة على ما ترجم به، فمنها ما يتعلَّق بكونها موجودة الآن، ومنها ما يتعلَّق بصفتها، وأصرح ممَّا ذكرتا(1) في ذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود بإسنادٍ قويٍّ عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلعم قال: ((لمَّا خلق الله الجنَّة، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها))... الحديث، وهكذا قالَ العَينيُّ: فيه ردٌّ على المعتزلة حيث قالوا: إنَّها لا توجد إلَّا يوم القيامة، وكذلك قالوا في النَّار: إنَّها تخلق يوم القيامة. انتهى.
          قلت: ولذا قال في (باب: صفة النَّار): إنَّها مخلوقة، كما سيأتي.
          قوله: (لكلِّ امرئٍ منهم زوجتان) كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يصحُّ إرجاع الضَّمير إلى الفريقين جميعًا، وإلى الثَّانية منهما. انتهى.
          قلت: ما أفاده الشَّيخ قُدِّس سرُّه محتمل، وعلى الاحتمال الثَّاني يكون للفريق الأوَّل أكثرُ مِنْ ثنتين، وقال الحافظ: قوله: (زوجتان) أي: مِنْ نساء الدُّنيا، فقد روى أحمد عن أبي هريرة مرفوعًا في صفة أدنى أهل الجنَّة منزلة ((وإنَّ له مِنَ الحور العين لَاثنتين وسبعين زوجةً سِوى أزواجه مِنَ الدُّنيا)) وفي سنده شهر بن حوشب، وفيه مقال، وذكر الحافظ الرِّوايات العديدة المختلفة في تعداد النِّساء مِنَ الحور العين... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع»، وقالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ: لعلَّ الزَّوجتين تكونان على هذه الصِّفة_أي المذكورة في الحديث_ والباقيات على غير هذه الصِّفة، وإلَّا فقد ورد للمؤمن ثلاث وسبعون زوجة، ونحو ذلك، والله تعالى أعلم. انتهى.
          قوله في آخر حديث مِنْ أحاديث الباب: (رجال آمنوا بالله...) إلى آخره وفي «هامش المصريَّة»: عن شيخ الإسلام: فإن قلت: فلا يبقى في غير الغرف أحد، لأنَّ أهل الجنَّة كلَّهم مؤمنون / مصدِّقون بالرُّسل؟ قلت: المصدِّقون بجميع الرُّسل هم أُمَّة محمَّد صلعم، فتبقى أُمَّة غيره مِنْ سائر الأنبياء في غير الغرف. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((ذكره)).