الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما ينهى عن إضاعة المال

          ░19▒ (باب: مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَة المَال)
          أي: صرفه في غير وجهه أو في غير طاعة الله، قاله القَسْطَلَّانيُّ.
          وقول الله تبارك وتعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:205] قال الحافظ: كذا للأكثر، ووقع في رواية النَّسفيِّ: <إنَّ الله> والأوَّل هو الَّذِي وقع في التِّلاوة.
          قوله: ({لَا (1) يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:81])، كذا للأكثر، ولابن شَبُّويَه والنَّسَفيِّ: <لا يُحبُّ> بدل ({لَا يُصْلِحُ}) قيل: وهو سهو، ووجهه عندي_إن ثبت_ أنَّه لم يقصد التِّلاوة. انتهى مِنَ «الفتح».
          قوله: (وقال: أصلواتك تأمرك أن نترك...) إلى آخره كتب الشَّيخ [في «اللَّامع»]: يعني بذلك أنَّهم عدُّوا الإيفاء في الكيل إضاعة وقبحوا عليه ذلك، فعلم منه أنَّ الإضاعة منهيَّة عنها مقبَّحة شرعًا وعرفًا، وإن كان خصوص هذا الَّذِي زعموه إضاعةً غيرَ داخل فيه، فافهم وتفكَّرْ. انتهى.
          وفي «هامشه»: ما أفاده الشَّيخ قُدِّس سِرُّه أجود ممَّا حكاه الحافظ عن المفسِّرين لارتباط الآيات وموافقة الآية بحالهم المعروف مِنْ نقص الكيل... إلى آخر ما فيه.
          قوله: (والحَجْرِ في ذلك)_بالجرِّ(2) عطفًا على (إضاعة المال)_ أي: والحَجْر في السَّفه، والحَجْر في اللغة: المنع، وفي الشَّرع: المنع مِنَ التَّصرُّفات الماليَّة، والأصل فيه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} الآية [النِّساء:6] وقوله تعالى: {وإِنْ(3) كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} الآية [البقرة:282] والحَجْر نوعان: نوع شُرِع لمصلحة الغير: كالحَجْر على المفلس للغرماء والرَّاهن للمرتهن في المرهون وغير ذلك.
          ونوع شُرِع لمصلحة المحجور عليه: وهو ثلاثة: حَجْر الجنون، والصِّبا، والسَّفه، وكلٌّ منها أعمُّ ممَّا بعده.
          قلت: ولا يبعد أن يقال: إنَّ الإمام البخاريَّ مال في مسألة الحَجْر إلى قول الإمام أبي حنيفة؛ إذ ترجم بالحَجْر ولم يحكم عليه في التَّرجمة بشيء، وأورد فيه حديث: (لَا خِلَابَةَ)، وهو مستدلُّ أبي حنيفة في تلك المسألة.
          قوله: (وما يُنهى عن الخداع) أي: في البيع، وهو عطف على سابقه أيضًا(4). انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.


[1] في (المطبوع): ((و{لا})).
[2] في (المطبوع): ((بالحجر)).
[3] في (المطبوع): ((فإن)).
[4] إرشاد الساري:4/228