الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء

          ░16▒ (باب: مَنْ بَاع مَال المُفْلِس أو المُعْدِم...) إلى آخره
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: (المعدِم)_بكسر الدَّال_ أي: الفقير.
          قوله: (فقسمه)، أي: ثمن مال المفلس (بين الغرماء) بنسبة ديونهم الحالَّة لا المؤجَّلَة، فلا يُدَّخر منه شيء للمؤجَّل، ولا يُستَدَام له الحَجْر كما لا يُحْجَرُ به.
          قوله: (أو أعطاه) أي: أعطى الحاكمُ المعدِمَ ثمنَ ما باعه يومًا بيوم. انتهى.
          قال الحافظ: قالَ ابن بطَّالٍ: لا يُفْهمُ مِنَ الحديث معنى قوله في التَّرجمة: (فقسمه بين الغرماء) لأنَّ الَّذِي دبَّر لم يكن له مال غير الغلام، وكما(1) سيأتي في الأحكام، وليس فيه أنَّه كان عليه دَين، وإنَّما باعه لأنَّ مِنْ سُنَّتِه ألَّا يَتَصَّدق المرء بماله كلِّه ويبقى فقيرًا، ولذا قال: ((خَيْرُ الصَّدقة ما كانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى)). انتهى.
          وأجاب ابن المنيِّر بأنَّه لمَّا احتمل أن يكون باعه عليه لِما ذكر الشَّارح، واحتمل أن يكون باعه عليه لكونه مِدْيَانًا، ومالُ المِدْيَان إمَّا أن يَقْسِمَه الإمَام بنفسه، أو يُسَلِّمَه إلى المِدْيَان لِيَقْسِمَه، فلهذا(2) تَرجَم على التَّقديرين مع أنَّ أحَدَ الأمرين يَخْرُج مِنَ الآخر لأنَّه إذا باعه عليه لحقِّ نفسه فلأَن يبيعه عليه لحقِّ الغُرَماء أَولى. انتهى.
          والَّذي يظهر لي أنَّ في التَّرجمة لفًّا ونشرًا، والتَّقدير: مَنْ باع مال المفلس فقَسَمه بين الغُرماء، ومَنْ باع مال المُعْدِم فأعطاه حتَّى يُنْفِق على نفسه، و(أو) في الموضعين للتَّنويع، ويخرج أحدهما مِنَ الآخر كما قالَ ابن المنيِّر.
          وقد ثبت في بعض طرق حديث جابر في قصَّة المدبَّر: أنَّه كان عليه دَين، أخرجه / النَّسائيُّ وغيره. انتهى مِنَ «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((كما)).
[2] في (المطبوع): ((فلذا)).