الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا حمى إلا لله ولرسوله صلعم

          ░11▒ (باب: لا حِمَى إلَّا للهِ ولِرَسُولِهِ صلعم)
          وفي «الفيض»: ولا ذكر للحِمَى في فقه الحنفيَّة. انتهى.
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ الكلأ حقُّ العامَّة فلا يجوز حبسه إلَّا للعامَّة، فكأن(1) الحمى جائز لبيت المال لا لغيره، وما ورد مِنَ الحمى لغير بيت المال في بعض الرِّوايات فالمراد به الشَّجر الواقع في تلك الأرض أو الأرض نفسها ليتصرَّف فيها وفي أشجارها، وأمَّا الكلأ فلا، فإذا حمى الإمام أو نائبه لبيت المال كان للفقير رعي دوابِّه فيه، لكونه ممَّن يستحقُّ بيت المال، وأمَّا الغنيُّ فلا إلَّا إذا اضطرَّ. انتهى.
          وفي «هامشه»: قال الحافظ: قال الشَّافعيُّ: يَحتمل معنى الحديث شيئين:
          أحدهما: ليس لأحد أن يحمي للمسلمين إلَّا ما حماه النَّبيُّ صلعم.
          والآخر: معناه إلَّا على مثل ما حماه عليه النَّبيُّ صلعم.
          فعلى الأوَّل: ليس لأحد مِنَ الولاة بعده أن يحمي.
          وعلى الثَّاني: يختصُّ الحمى بمن قام مَقام رسول الله صلعم، وهو الخليفة خاصَّة، وأخذ أصحاب الشَّافعيِّ مِنْ هذا أنَّ له في المسألتين قولين، والرَّاجح عندهم الثَّاني، والأوَّل أقرب إلى ظاهر اللَّفظ، لكن رجَّحوا الأوَّل بما سيأتي أنَّ عمر ☺ حمى بعد النَّبيِّ صلعم، والمراد بالحمى: منع الرَّعي في أرض مخصوصة مِنَ المباحات، فيجعلها الإمام مخصوصة برعي بهائم الصَّدقة مثلًا. انتهى.
          ثم لا يخفى عليك ما في «البذل» عن الشَّوكانيِّ: وقد ظنَّ بعضهم أنَّ بين الأحاديث القاضية بالمنع مِنَ الحمى والأحاديث القاضية بجواز الإحياء معارضةً، ومنشأ هذا الظَّنِّ عدمُ الفرق بينهما، وهو فاسد، فإنَّ الحمى أخصُّ مِنَ الإحياء مطلقًا.
          قال ابن الجوزيِّ: ليس بين الحديثين معارضة، فالحمى المنهيُّ عنه ما يحمي(2) مِنَ الموات الكثيرة العشب لنفسه خاصَّة كفعل الجاهليَّة، والإحياء المباح ما لا منفعة للمسلمين فيه شاملة، فافترقا. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((فكان)).
[2] في (المطبوع): ((يحمَى)).