نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم

          7013- (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ) بضمّ العين وفتح الفاء، هو: سعيدُ بن كثير بن عُفَير بن مسلمٍ، وقيل: عفير بن سلمة بن يزيد بن الأسود الأنصاريّ مولاهم البصريّ، قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) أي: ابن سعدٍ الإمام، قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عُقَيْلٌ) بضمّ العين (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهري، أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ) بفتح التّحتيّة.
          (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلعم يَقُولُ: بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ) بسكون العين وضمّها؛ أي: الخوف يقعُ في قلب من أقصده من أعدائي، وهو في مسيرة شهرٍ منِّي نصراً من الله لي بذلك (وَبَيْنَا) بغير ميم (أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ) بضمّ الهمزة من غير واو على البناء للمفعول (بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ) قال الخطَّابيّ: يريد بخزائن الأرض ما فتح على أمَّته من الغنائم وخزائن كسرى وقيصر وغيرهما (فَوُضِعَتْ) بضمّ الواو وكسر الضّاد المعجمة وفتح الموحّدة بعدها؛ أي: المفاتيح (فِي يَدِي) حقيقة أو مجازاً باعتبار الاستيلاء عليها.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: ((أتيت بمفاتيح خزائن الأرض)) / وقد مضى الحديث في ((الجهاد)) [خ¦2977].
          (قَالَ مُحَمَّدٌ) وفي رواية أبي ذرٍّ: <قال أبو عبد الله> بدل قوله: قال محمَّد، وهي رواية كريمة قيل: هو البخاريُّ؛ لأنَّ اسمه محمَّد، وكنيته: أبو عبد الله.
          قال الحافظ العَسقلانيّ: والَّذي يظهر لي أنَّ الصَّواب ما عند كريمة؛ فإنَّ هذا الكلام ثبت عن الزُّهريّ واسمه: محمَّد بن مسلم، وقد ساقه البخاريّ هنا من طريقه، فيبعد أن يأخذَ كلامه فينسبه لنفسه، وكأنَّ بعضهم لمَّا رأى قال محمَّد ظنَّ أنَّه البخاريُّ فأراد تعظيمه فكنَّاه فأخطأ؛ لأنَّ محمَّداً هو الزُّهري وليست كنيته أبو عبد الله، بل هو أبو بكر. انتهى.
          سبق بهذا الكلام صاحب «التوضيح» ولا يخلو عن تأمُّلٍ.
          (وَبَلَغَنِي أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ) الَّتي بعث بها صلعم تفسيرها (أَنَّ اللَّهَ) تعالى (يَجْمَعُ) له (الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِي الأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالأَمْرَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) وحاصله: أنَّه صلعم كان يتكلَّم بالقول الموجز القليل اللَّفظ الكثير المعاني، وجزم غير الزُّهريّ كالهرويّ بأنَّ المراد بجوامعِ الكلم: القرآن؛ إذ هو الغاية القصوى في إيجاز اللَّفظ واتِّساع المعاني.
وَعَلَى تَفَنُّنِ وَاصِفِيهِ بِحُسْنِهِ                     يَفْنَى الزَّمَانُ وَفِيهِ مَا لَمْ يُوصَفِ