التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: بينما هو في الدار خائفًا إذ جاءه العاص بن وائل السهمي

          3864- قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبدُ الله بنُ وَهْبٍ، أحدُ الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا [خ¦89]، و(عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) بعده: هو عمر بن محمَّد بن زيد العُمَريُّ، نزيلُ عسقلان، وكان ثقةً جليلًا مرابطًا، من أطول الرِّجال، تَقَدَّم مترجمًا [خ¦3227]، أخرج له الجماعةُ إلَّا التِّرمذيَّ، وله ترجمةٌ في «الميزان».
          قوله: (إِذْ جَاءَهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ أَبُو عَمْرٍو): كذا في أصلنا هنا: (العاص)؛ بغير ياء، وقد تَقَدَّم أنَّ الجمهور على كتابته بالياء، وهو الفصيح عند أهل العربيَّة، ويقع كثيرًا في كتب الحديثِ واللُّغةِ بحذفها، وهي لغةٌ، وتَقَدَّم أنَّ النَّوويَّ قال: (الصحيح أنَّ «العاصي» و«اليماني» و«ابن الهادي» و«ابن أبي الموالي» بالياء) [خ¦3/4-110]، وهو العاصي بنُ وائلِ بنِ هاشم بن سُعَيد _بضمِّ السين، وفتح العين_ ابن سهم بن عَمرو بن هُصَيص بن كعب بن لُؤَيِّ بن غالب السَّهْمِيُّ، هَلك على كفره، أخذت رِجلَه الشوكةُ، فهلك منها، وكان مِنَ المستهزئين الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}[الحجر:95] وكانوا ثمانيةً، فهلكوا بضُرُوبٍ مِنَ البلاء، ولم يُسلِم منهم إلَّا الحكم بن أبي العاصي.
          قوله: (عَلَيْهِ حُلَّةُ حِبَرَةٍ): تَقَدَّم الكلام على (الحُلَّة) ما هي [خ¦30]، و(الحِبَرة) بكسر الحاء المهملة، وفتح الباء الموحَّدة: عَصْب اليمن، وقال الداوديُّ: ثوب أخضر، و(حبرة) مضاف إلى (حلَّة).
          قوله: (مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ)؛ أي: له كُفَّةٌ مِن حَرِير، والكُفَّة؛ بضمِّ الكاف _قيل: وفتحها_ وتشديد الفاء؛ وهي الطرَّة تكون من ديباج وشبهه، وفي «النِّهاية»: («لا ألبس القميص المكفَّف بالحَرِير»؛ أي: الذي عمل على ذيله وأكمامه وجيبه كفاف من حَرِير، وكُفَّةُ كلِّ شيءٍ _بالضمِّ_ طرَّتُه وحاشيتُه، وكلُّ شيء مستطيل: كُفَّة؛ ككُفَّة الثوب، وكلُّ مستدير: كِفَّة؛ بالكسر؛ ككِفَّة الميزان)، وكذا قال غيره.
          قوله: (أنْ أَسْلَمْتُ): (أن)؛ بالفتح مضبوطة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («زعم قومك أن سيقتلوني أَِن أسلمت» بالفتح والكسر معًا، والفتح أوجه؛ أي: من أجل إسلامي؛ لأنَّه قد كان أسلم، ويصحُّ الكسر على حكاية قولهم وتهديدهم إيَّاه قبل إسلامه)، انتهى.
          قوله: (أَمِنْتُ): هو بفتح الهمزة مقصورة، وكسر الميم، والتاء مضمومة تاء المتكلِّم، كذا في أصلنا بالقلم، مِنَ الأمن، وفي الهامش: (آمَنْتُ)؛ بمد الهمزة، وفتح الميم، وسكون النون، وضمِّ تاء المتكلِّم، كلُّه بالقلم، وفي أخرى: بفتح الهمزة، وكسر الميم، وفتح التاء على الخطاب، قال في «المطالع»: («آمَنت» كذا في كتاب الأصيليِّ بالمدِّ، وفتح الميم، ورواه الحُمَيديُّ: «أمِنْتَ»، من الأمن، وفَتَحَ تاء المخاطب، ومثله لأبي ذرٍّ غير أنَّه ضمَّ التاء، وهو الأظهر، فإنَّ عمر هو القائل لذلك لمَّا قال له العاصي: «لا سبيل عليك»؛ قال عمر: فبعد أن قالها [_يعني هذِه الكلمة: لَا سَبِيلَ عَلَيْكَ_ أَمِنْتُ، ومَن فتح التاء جعلها مِن قول العاصي لعمر، أي: لا سبيل عليك أَمِنْتَ، أي: أنت آمنٌ، ويكون قوله: «بَعْدَ أَنْ قالهَا»] اعتراضًا من كلام الراوي، كأنَّه حكى أنَّ ذلك كان بعد قوله لعمر تلك الكلمة التي تضمَّنت الأمان بمعناها)، انتهى.
          قوله: (فَخَرَجَ الْعَاص): تَقَدَّم الكلام على يائه أعلاه، ونسبه، وكيف هلك.
          قوله: (قَدْ سَالَ بِهِمُ الْوَادِي)؛ أي: امتلأَ؛ كامتلائه من السيل؛ أي: كثرتهم وسرعة مشيهم.
          قوله: (الَّذِي صَبَأ): هو بفتح الصاد المهملة، وبالموحَّدة، ثُمَّ همزة مفتوحة؛ أي: خرج من دينِه إلى دين آخر، ويجوز ترك همزِه.
          قوله: (فَكَرَّ النَّاسُ): (الناسُ): مرفوع فاعل (كرَّ)، والكرُّ: الرجوعُ، يقال: كرَّهُ وكرَّ بنفسه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، وهو في أصلنا: (الناسُ): مرفوع.