التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: وما يدريك أن الله قد أكرمه

          1243- قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابنُ سعد الإمامُ، وتقدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم (الزُّهْرِيُّ) أعلاه(1). /
          قوله: (أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): (أمُّ العلاء): هي بنت الحارث بن ثابت بن خارجة الأنصاريَّة، بايعت رسولَ الله صلعم، ويقال: إنَّها زوجة زيد بن ثابت، وأمُّ ابنه خارجةَ، روى حديثَها الزُّهريُّ عن خارجةَ بنِ زيدٍ عن أمِّ العلاء: (طار لنا عثمان...)، أخرج لها البخاريُّ والنَّسائيُّ، وقال ابنُ عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: (أمُّ العلاء الأنصاريَّة من المبايعات، حديثُها عند أهل المدينة، روى عنها: خارجةُ بن زيد بن ثابت وعبدُ الملك بن عُمير، وكان رسول الله صلعم يعودها في مرضها...) إلى أن قال: (وقال ابن السَّكن: إنَّ أمَّ العلاء التي روى عنها خارجةُ غيرُ(2) التي روى عنها عبدُ الملك بن عُمَير، وذكر أمَّ العلاء امرأةً ثالثةً، فقال: هي غيرُهما(3) جميعًا، مُخرَّج(4) حديثُها عن(5) أهل الشام، إلَّا أنَّه في عيادة رسول الله صلعم) انتهى، ولا أعرف اسم أمِّ العلاء، والله أعلم.
          قوله: (اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً): (اقتُسِمَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(المهاجرون): قائمٌ مقامَ الفاعل، مَرْفوعٌ؛ وذلك لأنَّ الأنصار اقتسموا المهاجرين، فإذا قرأْتَه مبنيًّا للفاعل؛ يكون المهاجرون اقتسموا غيرَهم، وهو خلاف الواقع، والله أعلم.
          قوله: (فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ): أي: صار في قرعتنا.
          قوله: (عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ): هو بفتح الميم، ثمَّ ظاء معجمة مشالة ساكنة، والباقي معروف، وهذا غاية في الظهور عند أهله كاد(6) أن يكون عندهم بديهيًّا، غير أنِّي سمعت بعض الفقهاء في جنازةٍ أهملَ (مظعونًا)، وهو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وَهْب الجُمَحيُّ، أبو السائب، أحد السابقين، تُوُفِّيَ بعد سنتين ونصف من الهجرة، قيل: إنَّه أوَّل مَن دُفِن بالبقيع، كذا في «المستدرك» بسندٍ واهٍ، وقد ذكرتُ ما في ذلك في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، وفي «المستدرك» أيضًا في ترجمة أسعد بن زُرَارة عن عبد الله بن أبي بكر ابن حزم: أنَّه أوَّل مَن دُفِنَ بالبقيع، وهذا موقوف، وعبد الله تابعيٌّ، وقد ذكر القولَين ابنُ عبد البَرِّ، فقال في ترجمة أسعد: (إنَّه أوَّل مَدفون به _أي: بالبقيع_ كذلك كانت الأنصار تقول، وأمَّا المهاجرون؛ فقالوا: أوَّل مَن دُفِن بالبقيع عثمانُ بن مظعون)، انتهى.
          قوله: (فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذي تُوُفِّيَ فِيهِ): (وجِع): بكسر الجيم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (فَلَمَّا تُوُفِي وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ): الكلُّ مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ(7) أيضًا.
          قوله: (رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ): تقدَّم أعلاه(8) أنَّ (أبا السَّائب) كنيةُ عثمانَ بنِ مظعون رحمة الله عليه(9).
          قوله: (الْيَقِينُ): أي: الموت، وقال بعض المُفسِّرين في قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر:99]: المُوقَن به: النَّصرُ، وقيل: الموت.
          قوله: (مَا يُفْعَلُ بِي): سيأتي الكلام عليه قريبًا.
          قوله: (لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا): (زكَّاه): إذا أثنى عليه ووصفه.
          قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّ (عُفَيْرًا) بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، وهذا ظاهرٌ عند أهله.
          قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ مِثْلَهُ): (اللَّيث): هو ابن سعد الإمام الجوَاد، وقوله: (مثله): أي: تابع يحيى ابنَ بُكَير في روايته عن اللَّيث(10) الحديثَ، فرواه كهو، وقال: (ما يُفعل بي)، وحديث سعيد هذا أخرجه البخاريُّ هُنَا وفي (التعبير) [خ¦7003] عن سعيدٍ، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن خارجةَ به.
          قوله: (وَقَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ(11) عَنْ عُقَيْلٍ: «مَا يُفْعَلُ بِهِ»)؛ يعني: فخالف نافعُ بنُ يزيد اللَّيثَ عن عُقيل، فرواه: (ما يُفعَل(12) به).
          قوله: (وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ، وَعَمْرُو(13) بْنُ دِيْنَارٍ، وَمَعْمَرٌ): أي: تابع هؤلاء الثَّلاثةُ عُقَيلًا على رواية: (ما يُفعَل به).
          و(نافع بن يزيد): كَلاعيٌّ، عنِ ابنِ الهادي وجعفرِ بن ربيعة، وعنه: سعيد بن أبي مريم وأبو صالح الكاتب، ثقة، تُوُفِّيَ سنة ░167هـ▒، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البخاريُّ تعليقًا، قال(14) أحمد بن صالح: (كان من ثقات النَّاس)، وقال أبو حاتمٍ وغيرُه: (لا بأس به)، وأمَّا (شعيب) فهو ابن أبي حمزة، و(مَعْمَر): تقدَّم(15) ضبطُه مرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد.
          ومتابعة مَعْمَرٍ رواها النَّسائيُّ في (الرؤيا) عن سُوَيد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن مَعْمَر، ومتابعة شعيبٍ أخرجها البخاريُّ في (الشهادات) [خ¦2687] و(التَّعبير) عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ [خ¦7004]، وأمَّا متابعة عمرو بن دينار، عن الزُّهريِّ؛ فلم أرَها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يُخرِّجها شيخنا فيما قرأته عليه.
          قوله: (مَا يُفْعَلُ بِي): (يُفعل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، قال شيخنا: (فيحتمل أن يكون قبل إعلامه بالغفران له، وقد روي: «ما يُفعَل به»، وهو الصَّواب؛ لأنَّه ╕ لا يعلم من ذلك إلَّا ما يُوحى إليه)، قال: (وقال الدَّاوديُّ: «ما يفعل بي» وَهَمٌ، وقوله: «ما أدري ما يُفعل بي»: أي: في أمر الدُّنيا ممَّا يصيبهم(16) فيها وإن كان وَعَدَهُ بالظهور، فقد كان قبل ذلك مواطنُ خاف فيها الشِّدَّةَ، و«سورة الأحقاف» مكيَّة، و«الفتح» مدنيَّة)، انتهى، وقال القرطبيُّ: (ما يُفعل بي في الدُّنيا من نفعٍ أو ضُرٍّ(17)، وإلَّا؛ فنحن نعلم قطعًا أنَّه ╕ خيرُ البريَّة يوم القيامة، وأكرمهم على الله)، انتهى، وقوله: (ما يُفعل به)، قاله قبل أن يُخبر أنَّ أهل بدر من أهل الجنَّة، انتهى.
          فالحاصل: أنَّ رواية (بي) وُهِّمَتْ، وصُوِّب (به)، وعلى تقدير صحَّتها أُوِّلت، وقد تكلَّمنا على رواية (به) ما معناها.
          وقوله(18): (و«سورة الأحقاف» مكيَّة، و«الفتح» مدنيَّة): قال بعض الأئمَّة: هذه السُّورة _يعني: الأحقاف_ مكيَّة مُحكَمة إلَّا آيتين؛ إحداهما: قوله: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ}[الأحقاف:9]، والثَّانية: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي}[الأحقاف:9]، قالوا: ليس(19) في كتاب الله آيةٌ مِن المنسوخ ثبَت حكمُها كهذه الآية، ثبت ستَّ عشرةَ سنة، وناسخها أوَّل (الفتح)، وممَّن نصَّ على أنَّ ذلك ناسخُها الشَّافعيُّ في «أحكام القرآن»، والله أعلم.


[1] في (ب): (قريبًا).
[2] في (ب): (عن).
[3] في (ب): (غيرها).
[4] في (ب): (يخرج).
[5] عن سقط من (ب).
[6] في (ب): (كان).
[7] زيد في (ب): (جدًّا).
[8] في (ب): (بظاهرها).
[9] في (ب): (☺).
[10] زيد في (ج): (في).
[11] في (ب): (بريد) هذا الموضع والآتي، وهو تصحيف.
[12] (ما يفعل): سقط من (ب).
[13] في (ج): (وتابعه عمرو)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.
[14] في (ج): (وقال).
[15] في (أ) و(ب): (فتقدَّم).
[16] في (ب): (تصيبهم).
[17] في (ج): (ضرر).
[18] في (ب): (قوله).
[19] زيد في (ج): (آية).