التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: رثى النبي سعد بن خولة

          قوله: (بَابُ: رَثَى النَّبِيُّ صلعم سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ): كذا في الأصل فعل ماضٍ، وفي الهامش: (رثاء)؛ بالمدِّ، مصدرٌ، والرِّثاء: التوجُّع؛ بالمدِّ والكسر في الرَّاء.
          قوله: (سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ): (خَوْلة): بفتح الخاء المعجمة _قال شيخُنا الشَّارح: (وقال أبو الحسن: ما سمعتُ قطُّ أحدًا قرأه(1) إلَّا بفتحها، والمُحَدِّثون على ذلك، وعَكَسَ أبو عُمر) انتهى، وهذا غريبٌ_ ثمَّ واوٍ ساكنة، وهو سعد بن خولة، وقيل: خَوليٌّ، من بني عامر بن لؤيٍّ، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى ابن أبي رُهم العامريِّ، من السَّابقين، بدريٌّ، تُوُفِّيَ عن سُبيعة الأسلميَّة سنة عشرٍ بمكَّة، وسيأتي ما في ذلك في (باب شهود الملائكة بدرًا) إن شاء الله تعالى.
          وقد اختُلِف في قصَّة سعد بن خولة؛ فقيل: لم يهاجر من مكَّة حتَّى مات فيها، وقيل: بل(2) هاجر وشهد بدرًا _وهذا الصَّحيح كما ذكرته في ترجمته أعلاه_ ولكنَّه انصرف إلى مكَّة، ومات بها، فعلى هذا؛ سببُ توجُّعه ╕ له سقوطُ هجرته؛ لرجوعه(3) مختارًا، وموته بمكَّة، وعلى الأوَّل؛ [سببُ] توجُّعه له موتُه بمكَّة على أيِّ حال، وإن لم يكن باختياره؛ لما فاته من الثَّوابِ والأجرِ الكامل بالموت في دار هجرته، والله أعلم، وقال شيخُنا في (الدَّعوات(4)): (إنَّما رثى له ╕؛ لأنَّه أسلم، وأقام بمكَّة، ولم يهاجر، قاله ابن مزين، وأُنكِر ذلك عليه؛ لأنَّه معدودٌ في البدريِّين؛ كما ذكره البخاريُّ وغيرُه، واختلفوا متى رجع إلى مكَّة؛ فقيل: مات بها في حجَّة الوداع، وإنَّما رثى له؛ لأنَّه قال: «كلُّ مَن يهاجر من بلده؛ له ثواب الهجرة من الأرض التي هاجر منها إلى الأرض التي هاجر إليها إلى يوم القيامة»، فحُرِم ذلك لمَّا مات بمكَّة، [وقيل: رجع إلى مكَّة] بعد شهوده بدرًا، وفي «البخاريِّ» فيما سلف: «يرحم الله ابنَ عفراء» [خ¦2742]، قيل: هو الذي رثى له رسول الله صلعم) انتهى، و(ابن عفراء) غلطٌ من الرَّاوي، كما سأذكره في مكانه مُنبِّهًا عليه من كلام الدِّمياطيِّ [خ¦2742]، قال شيخُنا: (وقال الدَّاوديُّ: لم(5) يكن للمهاجرين الأوَّلين أن يقيموا بمكَّة في حياة رسول الله صلعم إلَّا ثلاثة أيَّام بعد الصَّدَر، فدلَّ ذلك أنَّ سعد بن خولة تُوُفِّيَ قبل تلك الحجَّة، وقد أطال(6) المقام بها من غير عذر، ولو كان له عذرٌ؛ لم يأثم)، ثمَّ ذكر قولًا آخَرَ وردَّه، أضربت عنه؛ لأنَّه غلط في النُّسخة، وهي كثيرة الغلط غير مُقابَلة، والله أعلم.


[1] في (ب): (فرواه).
[2] زيد في (ج): (هي).
[3] في (ب): (رجوعه).
[4] في (ب): (دعواته).
[5] في (أ): (لمن)، وهو تحريفٌ.
[6] في (ج): (طال).