التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور

          قوله: (وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؛ ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً): أمَّا الحسن بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب؛ فروى عن أبيه وابنِ عمِّه عبدِ الله بن جعفر، وعنه: أبناؤه الثَّلاثة وجماعةٌ، وكان وصيَّ أبيه، ووَلِيَ صدقة عليٍّ، وفد على عبد الملك بن مروان، فأكرمه وأجلَّه، قال عبد الملك بن عمير [عن أبي مصعب]: كتب عبد الملك إلى عامله بالمدينة هشامِ بنِ إسماعيلَ: بلغني أنَّ حَسَنًا يكاتب أهل العراق، فابعث إليه...؛ وذكر قصَّةً، تُوُفِّيَ سنة سبع وتسعين، له حديثٌ واحدٌ في كلمات الفرج، أخرج له النَّسائيُّ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات».
          وأمَّا ولدُ هذا؛ فالحسن بن الحسن بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، روى عن أبويه؛ وهما: [الحسنُ بن] الحسن بن عليٍّ، وأمُّه فاطمة بنت الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، وعنه: فُضَيل بن مرزوق، وعُبَيد بن وسيم الجمَّال، وعُمر بن شبيب المُسْلِيُّ، ووفد على السَّفَّاح، فأكرمه، مات في حبس المنصور مع أخيه عبد الله في ذي القِعدة سنة خمسٍ وأربعين ومئة وله ثمان وستُّون سنةً، سمعه الفضيل بن مرزوق يقول لرجل يغلو فيهم: ويحكم! أحبُّونا لله، فإن أطعنا الله؛ فأحبُّونا، وإن عصينا؛ فأبغضونا، فلو كان الله نافعًا أحدًا بقرابته من نبيِّه بلا طاعة؛ لنفع بذلك أباه وأمَّه، روى له ابنُ ماجه، ☼ تعالى.
          وأمَّا امرأة الحسن والدِ هذا ووالدةُ هذا؛ فتقدَّم أعلاه أنَّها فاطمة بنت الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، وهي التي حلفت له بجميع ما تملكه أَنْ لا تتزوَّج عبدَ الله بن عَمرو بن عثمان بن عفَّان، ثمَّ تزوَّجته، فأولدها مُحمَّدًا الدِّيباجَ.
          قوله: (فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ...)؛ الكلام إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: (هذا المتكلِّم يجوز أن يكون من مُؤمِني الجنِّ أو من الملائكة؛ قالاه موعظةً، قاله ابن التِّين).
          فائدةٌ: إن قلت: ما وجه دخول هذا الأثر؛ أعني: الذي فيه ضَرْبُ القبَّةِ على قبرِ الحَسَن؟
          فالجواب ما قاله شيخنا الشَّارح: (إنَّ القبَّة لمَّا ضُرِبت؛ سُكِنت، وصُلِّي فيها، فصارت مسجدًا على القبر، وأورده دليلًا؛ لقول الصائح _إن كان جنيًّا أو مَلَكًا_: «أَلَا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا»؟...؛ القصَّة)، والله أعلم.