التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما جاء في عذاب القبر

          قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ): هل عذاب القبر على النفس والبدن، أو على النفس دون البدن، أو على البدن دون النَّفس؟ وهل يشارك البدنُ النَّفسَ في النَّعيم والعذاب أم(1) لا؟ قال ابن قيِّم الجوزيَّة: (وقد سُئِل عن هذه المسألة شيخ الإسلام _يعني: أبا العبَّاس بن تيمية_ قال: ونحن نذكر الأجوبة، فقال(2): بل العذاب والنَّعيم على النَّفس والبدن جميعًا باتِّفاق أهل السُّنَّة، تُنَعَّم وتُعَذَّب منفردةً عن البدن ومُتَّصلةً به، والبدن متَّصل(3) بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مُجتمِعَين، كما تكون الرُّوح مُنفرِدةً عن البدن، وهل يكون النَّعيم والعذاب للبدن بدون الرُّوح؟ هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسُّنَّة، وفي المسألة أقوالٌ شاذَّة ليست من أقوال أهل السُّنَّة والحديث)؛ فذكر ذلك... إلى آخره، فإن أردته؛ فانظره من كتاب «الرُّوح» في فصلٍ قال فيه: (وهذا يتَّضح بجواب المسألة)، ثمَّ إنِّي نظرت ذلك في كلام أبي العبَّاس ابن تيمية في المسألة المُفرَدة، وقد سئل عنها، فأجاب عنها في أوراقٍ يسيرةٍ. /
          قوله: (وَالْهَوْنُ: الرِّفْقُ): هو بفتح الهاء، قال الجوهريُّ: (والهون: السَّكينة والوقار).
          قوله: ({النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}...)؛ الآية[غافر:46]: اعلم أنَّ هذا العَرْضَ قيل: إنَّما هو على الرُّوح وحده(4)، ويجوز أن يكون مع جزءٍ من البدن، ويجوز أن يكون عليه مع جميع الجسد، فتُرَدُّ إليه الرُّوحُ كما تُرَدُّ عند المساءلة حين يُقعِدُه الملَكان، ويقال له: انظر إلى مقعدك من النَّار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنَّة، هذا في حقِّ المؤمن، وأمَّا الكافر؛ فإنَّه بالعكس؛ لأنَّ(5) أهل السَّعادة(6) يُعرَضون على الجنان بالخبر الصَّحيح في ذلك، وهل كلُّ مؤمن يُعرَض على الجنان؟ فقيل: ذلك مخصوص بالمؤمن الكاملِ الإيمان، ومَن أراد الله إنجاءَه من النار، وأمَّا مَن أنفذ الله عليه وعيدَه من المُخلِّطين الذين خَلَطوا عملًا صالحًا وآخرَ سيِّئًا؛ فله مقعدان يراهما جميعًا، كما يرى عملَه شخصَين(7) في وقتَين أو في وقتٍ واحدٍ قبيحًا وحسنًا، وقد يحتمل أن يراد بأهل الجنَّة: كلُّ مَن يدخلها كيف ما كان، والله أعلم، وكيفما كان؛ فالنَّعيم أو العذاب محسوسان، والألم أو الرَّاحة موجودان، والله أعلم(8).


[1] في (ب): (أو).
[2] (فقال): ليس في (ب).
[3] في (أ) و(ب): (يتَّصل)، والمثبت من (ج) موافق لمصدَرَيه.
[4] في (ب): (وحدها)، وكتب في (أ) فوقها: (وحدها، معًا).
[5] في (ب): (فإن).
[6] في (ب): (الشقاوة)، وليس بصحيح.
[7] (شخصين): ليس في (ب).
[8] هذه الفقرة سقطت من (ج)، وانظر «التذكرة» للقرطبيِّ (ص161▒.