التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الجريد على القبر

          (بابٌ الْجَرِيدُ عَلَى الْقَبْرِ)... إلى (كِتَاب فَرْضِ الزَّكَاةِ)
          فائدةٌ: إن قلت: لِمَ خصَّ الشَّارعُ وبُريدةُ بَعْدَه الجريدَ دون غيره من سائر النَّبات والثِّمار؟ والجواب: أنَّها(1) أطول الثمار بقاءً، فتطول مدَّة التخفيف، وهي شجرة طيِّبة، سمَّاها الله تعالى، وشبَّهها النَّبيُّ صلعم بالمؤمن، وقد تقدَّم وجه الشبه _والله أعلم_ في (كتاب العلم) [خ¦61].
          وأمَّا الغراس على المقابر؛ فقال صاحب «الأنوار» من الشافعيَّة: (يكره تجصيص القبر، والكتابة، والمِظَلَّة، والبناء، والغراس)، انتهى، وفي الغراس نظر، والله أعلم.
          قوله: (وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ...) إلى آخره: (بُريدة) هذا: هو ابن الحُصَيْب _بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة_ ابن عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلَميُّ، أبو عبد الله، ويُقال: أبو سهل، وقيل(2): أبو الحُصَيب، وقيل: أبو ساسان، أسلم حين مرَّ به ╕ مهاجرًا، ثمَّ قدم المدينة قبل الخندق، ثمَّ نزل البصرةَ، ثمَّ مَرْوَ، تُوُفِّيَ سنة ░63هـ▒، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند».
          قوله: (أَنْ يُجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيدَتَانِ): (يُجعَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(جريدتان): مَرْفوعٌ فاعل، وعلامة الرفع فيه الألف؛ لأنَّه مثنَّى.
          قوله: (فُسْطَاطًا): (الفُسطاط): تقدَّم ما هو، وما فيه من اللُّغَات [خ¦13/12-1534].
          قوله: (عَلَى قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): قال شيخُنا الشَّارحُ: (هو عبد الرَّحمن بن أبي بكر، كما بيَّنه عبد الحقِّ في «جمعه»)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ المِصْرِيِّين: (هو عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب، ابن عمِّ عبد الله بن عمر)، انتهى، وهذا لا أعرف له ترجمةً، والظاهر أنَّه تُوُفِّيَ صغيرًا(3)، والله أعلم.
          وعبد الرَّحمن الأوَّل: شقيقُ عائشةَ ☻، أسلم قبل الفتح، قَتلَ يوم اليمامة سبعةً؛ منهم مُحَكِّم اليمامة، روى عنه ابن أخيه القاسم، وأبو عثمان النَّهْديُّ، تُوُفِّيَ سنة ░53هـ▒، روى له الجماعة، وأحمد في «المسند».
          قوله: (انْزِعْهُ يَا غُلَامُ): (انزِعه): بهمزة وصل، وكسر الزاي، ثلاثيٌّ، والغلام المنادَى لا أعرف اسمه.
          قوله: (وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ): هو خارجة بن زيد بن ثابت الفقيهُ، أبو زيد الأنصاريُّ، عن أبيه وأسامةَ بن زيد، وعنه: ابنُه سليمان، والزُّهريُّ، وأبو الزناد، ثقةٌ إمامٌ، تُوُفِّيَ سنة ░99هـ▒، قاله في «الكاشف»، وفي «الوَفَيَات» جزم بمئة، أخرج له الجماعة.
          قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ؛ أي: رأيتُ نفسي.
          قوله: (وَثْبَةً): (الوثبة): الطَّفْرة(4).
          قوله: (قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ): تقدَّم أنَّه بالظاء المعجمة، وقد تقدَّم مع ترجمةٍ قليلةٍ [خ¦1243].
          قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ): هو بفتح الحاء، وكسر الكاف، وهو عثمان بن حكيم بن عباد الأنصاريُّ الأوسيُّ، أبو سهل المدنيُّ، ثمَّ الكوفيُّ، عن أبي أمامة بن سهل، وسعيد بن المسيِّـَب، وعامر بن سعد، وسعيد بن جبير، وطائفةٍ، وعنه: الثَّوريُّ، وعليُّ بن مُسْهِر، وهُشَيْم، ويَعلى بن عُبَيد، قال ابن المدينيِّ: (له نحوُ عشرين حديثًا)، وقال أحمدُ وابنُ مَعِين: (ثقة)، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ والأربعةُ.
          قوله: (أَخَذَ بِيَدِي خَارِجَةُ فَأَجْلَسَنِي عَلَى قَبْرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ): أمَّا (خارجة)؛ فقد تقدَّم الكلامُ عليه أعلاه، قال الدِّمياطيُّ: (لم يدرك خارجةُ بن زيد بن ثابت عمَّه يزيدَ بنَ ثابت)، وقال شيخنا العراقيُّ فيما رأيته عنه بِخَطٍّ مُعتَمَد عليه: (قد أشار إلى ذلك البخاريُّ في «التاريخ الصغير» فقال: فإن صحَّ قول موسى بن عقبة: إنَّ يزيد بن ثابت قُتِل أيَّام اليمامة في عهد أبي بكر؛ فإنَّ خارجة لم يدرك يزيد؛ يعني: عمَّه، تُوُفِّيَ خارجةُ سنة مئة، أو تسع وتسعين)، انتهى، وعُمْر خارجةَ إذ ذاك سبعون سنةً، وقال ابنُ عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة يزيد: / (إنَّ خارجة روى عنه، ولا أحسب سمع منه)، وقال المِزِّيُّ في «التهذيب»: (إنَّه سمع منه، وقيل: لم يسمع منه)، انتهى، وقال الذَّهبيُّ: (إنَّ خارجة لم يسمع منه)، وفي «التذهيب» ذكر كلامَ البخاريِّ بنحو(5) ما ذكره العراقيُّ عنه، انتهى، والذي يظهر عدمُ سماعه منه، والله أعلم.
          قوله: (إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ): (كُرِه): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.


[1] في (أ) و(ب): (أنهما)، ولعلَّ التثنية على إرادة (الجريدتين) في وصية بريدة.
[2] في (ج): (ويقال).
[3] كلامه هذا إنَّما هو في (عبد الرحمن بن سعيد بن زيد) لا في (عبد الرحمن بن زيد بن الخطَّاب)؛ وذلك أنَّ العبارة كانت في (أ) قبل الإصلاح: (وقال بعض حُفَّاظ المِصْرِيِّين: «هو عبد الرَّحمن بن سعيد بن زيد»)، وهو قول الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص286▒، أمَّا في «الفتح»؛ فقال ░3/264-265▒: (عبد الرحمن: هو ابن أبي بكر الصِّدِّيق، بيَّنَه ابنُ سعدٍ في روايته له موصولًا مِن طريق أيُّوب بن عبد الله بن يسار قال: مرَّ عبدُ الله بن عمر على قبرِ عبدِ الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة وعليه فسطاط مضروبٌ فقال: يا غلام؛ انزعه؛ فإنَّما يظلُّه عملُه، قال الغلام: تضربني مولاتي، قال: كلَّا، فنزعه، ومِن طريقِ ابن عَون عن رجلٍ قال: قَدِمت عائشةُ ذا طوى حين رفعوا أيديهم عن عبد الرحمن بن أبي بكر، فأمرت بفسطاط فضُرِبَ على قبره ووكلت به إنسانًا وارتحلتْ، فقَدِم ابنُ عُمَرَ...؛ فذكر نحوه).
[4] في (ب) و(ج): (الظفرة)، وهو تصحيف.
[5] في (ب): (نحو).