التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الشروط في الوقف

          ░19▒ (بَابُ: الشُّرُوطِ فِي الوَقْفِ)
          2737- ذكر فيه حديثَ ابن عمرَ عن عمرَ في وقفِه أرضَه بخَيبرَ، وقد سلف [خ¦2313].
          وللواقف أن يشترطَ في وقفه ما شاء إذا أخرجه مِنْ يده إلى متولِّي النَّظر فيه، فيجعله في صنفٍ واحدٍ أو أصنافٍ مختلفةٍ، إن شاء في الأغنياء وإن شاء في الفقراء أو الأقارب أو الإناث فقط مِنْ بنيه أو الذُّكور فقط، وإنْ كان يُسْتَحبُّ له التَّسوية بين بَنِيه لقوله: (فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ فِي الفُقَرَاءِ وَفِي القُرْبَى) وسائر مَنْ ذُكر، فدلَّ أنَّ ذلك إلى اختيار المحبس يضعه حيث يشترط، وإنَّما تصدَّق عمرُ بأنفَسِ ماله لقوله _تعالى_: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] فشاور الشَّارعَ في ذلك فأشار عليه بتحبيس أصله والصَّدقة بثمره، وهو أصلٌ في تحبيس رقاب الأرض، وما كان نظير الأرض الَّتي حبسها عمرُ ممَّا يُحدُّ بوصف ويُوصف بصفةٍ، وله منافعُ تدرك بالعمارة والإصلاح، فهو جائزٌ أيضًا تحبيسها كالدَّابَّة تحبس في سبيل الله للرُّكوب، والعبد وسائر الحيوان كذلك، وكذا السِّلاح وأجزاء القرآن وما أشبه ذلك، وبمثله عملت الأئمَّة الرَّاشدون والسَّلف الصَّالحون، وسأذكر خلاف مَنْ خالف فيه وهو أبو حنيفة، والمتأثِّل والمتموِّل سواءٌ لأنَّ تأثَّلت: جمعت، وتموَّل أيضًا إذا جمعَ المال.