التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حلب الإبل على الماء

          ░16▒ (بَابُ: حَلَبِ الإِبِلِ عَلَى المَاءِ)
          الحَلَبُ بفتح اللَّام، قاله: الخليل، وقال ابن فارسٍ: الحَلَبُ: حَلَبُ اللَّبن، الاسمُ والمصدرُ صورةٌ واحدةٌ.
          2378- ذكر فيه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: (عَنِ النَّبِيِّ _صلعم_ قَالَ: مِنْ حَقِّ الإِبِلِ أَنْ تُحْلَبَ عَلَى المَاءِ).
          يعني: الحقُّ المعهود المتعارَف بين العرب مِنَ التَّصدُّق باللَّبن على المياه إذا كانت طوائفُ الضُّعفاء والمساكين ترتصد يوم ورودِ الإبل على الماء لتنالَ مِنْ رسلها وتشربَ مِنْ لبنِها، وهذا / حقُّ حَلَبِها على الماء؛ لا أنَّه فرضٌ لازمٌ عليهم، وقد تأوَّل بعض السَّلف في قوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141]، هو أن يُعطى المساكينُ عند الجِذاذ والحصاد ما تيسَّر مِنْ غير الزَّكاة، وهذا مذهبُ ابن عمر، وبه قال عطاءٌ ومجاهدٌ وسعيد بن جُبيرٍ، وجمهور الفقهاء على أنَّ المراد بالآية الزَّكاة المفروضة، وهو تأويل ابن عَبَّاسٍ وغيره، وقد سلف إيضاح ذلك في باب: إثم مانع الزَّكاة [خ¦1402]، وهذا كما نُهي عن جِذاذ اللَّيل؛ لأجل حضور المساكين، وأجازه مالكٌ ليلًا.
          وأغرب الدَّاوُديُّ فضبط تُجْلَبَ بالجيم، وقال: أراد تُجلب لموضع سقيها فيأتيه المصَّدِّق، ولو كان كما ذكره لكان أن تُجلب إلى الماء ولم يقل: على الماء.