شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الإيماء على الدابة

          ░8▒ بابُ: الإيمَاءِ على الدَّابَّةِ.
          فيه ابنُ عُمَرَ: أَنّه كَانَ يُصَلِّي في السَّفَرِ على دَابَّتِهِ(1) أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبيَّ صلعم كَانَ يَفْعَلُهُ. [خ¦1096]
          قال المؤلِّف: سنَّة الصَّلاة على الدَّابَّة الإيماء، ويكون السُّجود أخفض من الرُّكوع، وروى أشهب عن مالكٍ في الَّذي يصلِّي على الدَّابَّة، أو المَحْمَل(2) لا يسجد بل(3) يومئ، لأنَّ ذلك من سنُّة الصَّلاة على الدَّابَّة، وقال ابن القاسم: يصلِّي(4) في المَحْمَل متربعًا إن لم يشقَّ عليه أن يثني رجليه عند سجوده فليفعل ذلك. قال(5) ابن حبيبٍ: وإذا تنفَّل على الدَّابَّة فلا ينحرف إلى جهة القبلة، وليتوجَّه لِوَجه دابَّته، وله إمساك عنانها وضربها وتحريك رجليه، إلَّا أنَّه لا يتكلَّم ولا يلتفت، ولا يسجد الرَّاكب على قَرَبُوسٍ سرجه، ولكن يومئ.
          واستحبَّ ابن حنبلٍ وأبو ثورٍ أن يفتتح الصَّلاة في توجُّهه إلى القبلة، ثمَّ لا يبالي حيث توجَّهت به(6). والحجُّة لهم حديث الجارود بن أبي سَبْرة، عن أنس بن مالكٍ: ((أنَّ النَّبيَّ صلعم كان إذا أراد أن يتطوَّع(7) في السَّفر استقبل بناقته القبلة(8)، ثمَّ صلَّى(9) حيث وجَّهت(10) ركابه))، وليس في حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة وجابرٍ استقبال القبلة عند التَّكبير، وهي أصحُّ من حديث الجارود.
          وحجَّة من لم ير استقبال القبلة عند التَّكبير(11)، وهو قول الجمهور أنَّه كما تجوز له سائر صلاته إلى غير القبلة، وهو عالمٌ بذلك كذلك يجوز له افتتاحها إلى غير القبلة.
          واختلف قول مالكٍ(12) في التَّنفُّل في السَّفينة إلى غير القبلة، فقال في «الواضحة»: لا بأس به حيث ما توجَّهت به(13) كالدَّابَّة، وفي «المختصر»: لا يتنفَّل فيها إلَّا إلى القبلة بخلاف الدَّابَّة، واختلف قوله أيضًا في المريض الَّذي لا يقدر على الصَّلاة على الأرض إلَّا إيماءً، هل يصلِّي الفريضة على الدَّابَّة في مَحْمَله؟ وفي(14) «المدوَّنة» أنَّه لا يصلِّي إلَّا بالأرض(15)، وروى أشهب(16) أنَّه يصلِّي على المَحْمَل كما يصلِّي على الأرض ويوجِّه إلى القبلة، وفي كتاب ابن عبد الحكم مثله.


[1] في (م): ((راحلته)).
[2] زاد في (م): ((أن)).
[3] في (م): ((ولا)).
[4] في (م): ((والمصلي)).
[5] في (م): ((وقال)).
[6] قوله: ((والحجة له أن الخبر إنما.... حيث توجهت به)) ليس في (ق).
[7] في (ص): ((يتنفل)).
[8] زاد في (ق): ((فكبر)).
[9] في (ي): ((يصلي)).
[10] في (ق): ((وجهة))، في (ص): ((توجهت)).
[11] قوله: ((وهي أصح من حديث الجارود. وحجة من لم ير استقبال القبلة عند التكبير)) ليس في (ق) و(ص).
[12] في (ص): ((واختلف قوله)).
[13] قوله: ((به)) ليس في (م).
[14] في (ق) و(م): ((ففي)).
[15] قوله: ((الأرض إلَّا إيماءً، هل...لا يصلِّي إلَّا بالأرض)) ليس في (ص).
[16] زاد في (ق) و(م): ((عن مالك)).