شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}

          ░15▒ بابٌ: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا}[التوبة:51]
          قَالَ مُجَاهِدٌ(1): {بِفَاتِنِينَ}[الصافات:162]: بِمُضِلِّينَ إِلَّا مَنْ كَتَبَ اللهُ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ، {قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:3]: قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّهَا سَأَلَت النَّبيَّ صلعم عَنِ الطَّاعُونِ، قَالَ: كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَكُونُ فِي بَلَدٍ يَكُونُ فِيهِ وَيَمْكُثُ فِيهِ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ). [خ¦6619]
          معنى هذا الباب أنَّ الله تعالى أعلم عبادَه(2) أنَّ ما يصيبُهم في الدُّنيا مِن الشَّدائد والمحن والضِّيق والخصب والجدب، أنَّ ذلك كلَّه فعل الله يفعل مِن ذلك ما يشاء بعبادِه ويبتليهم بالخير والشَّرِّ، وذلك كلُّه مكتوب في اللَّوح المحفوظ، ولا خلاف في هذا بين جماعة الأمَّة مِن قَدَرِيٍّ وسُنِّي، وإنَّما اختلفوا في أفعال العباد الواقعة منهم على ما تقدَّم بياننا له قبل هذا(3) وهذه الآية إنَّما جاءت فيما أصاب العباد مِن أفعال الله تعالى الَّتي اختصَّ باختراعِها دون خلقِه، ولم يُقْدِرْهُم على كسبِها دون ما أصابوه مكتسبين له مختارين.


[1] قوله: ((قال مجاهد)) ليس في (ص).
[2] في (ص): ((بعباده)).
[3] قوله: ((بياننا له قبل هذا)) ليس في (ص).