شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: المعصوم من عصم الله

          ░8▒ بابٌ الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ
          عَاصِمٌ: مَانِعٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: {سَدًّا}[الكهف:94]عَنِ الْحَقِّ، يَتَرَدَّدُونَ في الضَّلالَةِ، {دَسَّاهَا}[الشمس:10]أَغْوَاهَا.
          فيه: أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ(1) إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَم(2) اللهُ). [خ¦6611]
          قال المُهَلَّب: عرض البخاري في هذا الباب إثبات الأمور لله ╡، فهو الَّذي يعصم مِن نزعات الشَّيطان، ومِن شرِّ كلِّ وسواس خنَّاس مِن الجِنَّة والنَّاس، وليس مِن خليفة ولا أمير إلَّا والنَّاس حوله رجلان: رجل يريد الدُّنيا والاستكثار منها، فهو يأمرُه بالشَّرِّ ويحضُّه عليه ليجد به السَّبيل إلى انطلاق اليد على المحظورات ومخالفة الشَّرع، ويوهمُه أنَّه إن لم يقتل ويغضب ويُخِفِ النَّاس لم يتمَّ له شيء، ولم يرض بسياسة الله ╡ لعبادِه ببسط العدل وبخمد الأيدي، وأن في ذلك صلاح(3) العباد والبلاد.
          ولا يخلو سلطان أن يكون في بطانتِه رجل يحضُّه على الخير، ويأمرُه به لتقوم به الحجَّة عليه مِن الله في القيامة، وهم الأقل، والمعصوم مِن الأمراء مَن عصمَه الله لا مَن عصمتْه نفسُه الأمَّارة بالسُّوء بشهادة الله عليها الخالق لها، ومَن أصدق مِن الله حديثًا.


[1] زاد في (ص): ((قط)).
[2] في (ص): ((عَصَمهُ)).
[3] في (ص): ((خلاص)).