شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الاشتراك في الهدي والبدن وإذا أشرك الرجل الرجل في هديه

          ░15▒ بَابُ الاشْتِرَاكِ فِي الهَدْيِ وَالبُدْنِ
          وَإِذَا أَشْرَكَ الرَّجُلُ رَجُلًا فِي هَدْيِهِ(1) بَعْدَ مَا أَهْدَى
          فيهِ جَابِرٌ وابنُ عَبَّاسٍ قَالَا(2): (قَدِمَ النَّبيُّ صلعم وَأَصْحَابُهُ(3) صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الحَجَّةِ(4) مُهِلِّينَ بِالحَجِّ لَا يَخْلِطُهُ شَيْءٌ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً(5)... إِلَى قَولِهِ: وَجَاءَ عَلِيٌّ فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبيُّ صلعم، فَأَمَرَه النَّبيُّ صلعم أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَأَشْرَكَهُ(6) فِي الهَدْيِ). [خ¦2505] [خ¦2506]
          قال المُهَلَّبُ: لا يَصِحُ في هذا الحديثِ ما ترجمَ به مِنَ الاشتراكِ(7) في الهَدْيِ بعد ما أُهدي، لأنَّه ما كان بعد تقليدِ الهَدْي وإشعاره، فإنَّما هو شريكٌ في الفضيلةِ لأنَّه لا تجوزُ هبةُ الهَدْي ولا بيعُه بعد تقليدِه، وما كان قبل تقليدِه فيمكن الشَّركةُ(8) في رقابِه وهبته لمَنْ يهدي عنه.
          قال المؤلِّفُ: ذكر البخاريُّ في المغازيِّ عن بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَادِعِ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ، وَقَالَ(9) غيرُ جابرٍ: فَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايِتِهِ، فَقَالَ ◙(10): بِمَ(11) أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بِمَ(12) أَهَلَّ بِهِ النَّبيُّ صلعم، قَالَ: فَأَهْدِ وامكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ، قَالَ: فَأَهْدَى(13) لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا)) [خ¦4325].
          فهذا تفسيرُ قولِه: (((وَأَشْرَكَهُ فِي الهَدْيِ) أنَّه الهَدْي الَّذي أهداه عليٌّ عَنِ النَّبِيِّ صلعم، وجعلَ له ثوابَه، فَيُحْتَمَلُ أنْ يفردَه ◙ بثوابِ ذلك الهَدْي كلِّه، فهو شريكٌ(14) له في هديه لأنَّه أهداه(15) عنه(16) متطوِّعًا مِنْ مالِه، ويحتمل أن يشركَه في ثوابِ هديٍ واحدٍ يكونُ بينهما، كما ضحَّى النَّبيُّ صلعم عنه وعن أهلِ بيته بكبشٍ، وعمَّن لم يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِهِ(17) وَأَشْرَكَهُمْ فِي ثَوَابِهِ)).
          ويجوزُ الاشتراكُ في هدي التَّطوُّعِ، وقد تقدَّم اختلافُ العلماءِ في الاشتراكِ في الهَدْي في كتابِ الحجِّ في بابِ قولِه تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ}[البقرة:196][خ¦1688] فأغنى عن إعادته.
          بِسْمِ اللهِ، رَبِّ يَسِّرْ وَأَنْتَ المُعِيْنُ(18)


[1] في (ز): ((الهدي)).
[2] قوله: ((قالا)) ليس في (ز).
[3] قوله: ((وأصحابه)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((من ذي الحجَّة)) ليس في (ز).
[5] قوله: ((فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً)) ليس في (ز).
[6] في (ز): ((وإشراكه)).
[7] في (ز): ((الإشراك)).
[8] في (ز): ((التَّشريك)).
[9] في (ص) صورتها: ((وكان)).
[10] في (ز): ((فقال له النَّبيُّ صلعم)).
[11] في المطبوع: ((بما)).
[12] في (ز): ((بما)).
[13] في (ز): ((وأهدى)).
[14] في (ز) صورتها: ((تشريك)).
[15] في (ز): ((أهداه)).
[16] زاد في (ز): ((◙)).
[17] زاد في (ز): ((بكبش)).
[18] قوله: ((بِسْمِ اللهِ، رَبِّ يَسِّرْ وَأَنْتَ المُعِيْنُ)) ليس في المطبوع و(ص).