شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء

          ░16▒ بَابُ مَنْ بَاعَ مَالَ المُفْلِسِ أَوِ المُعْدِمِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الغُرَمَاءِ أَوْ إِذَا أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ على نَفْسِهِ.
          فيهِ جَابِرٌ: (أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَقَالَ النَّبيُّ صلعم: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ). [خ¦2403]
          لا يُفْهَمُ مِنَ الحديثِ معنى قولِهِ في التَّرجمةِ: فَقَسَمَهُ بَيْنَ الغُرَمَاءِ لأنَّ الَّذي باعَ عليه رَسُولُ الله صلعم مدبِّره لم يكنْ له مالٌ غيرُهُ، ذَكرَهُ في كتابِ الأحكامِ [خ¦7187]، ولم يذكر في الحديث أنَّه كان عليه دَيْنٌ، وإنِّما باعَه عَلَيْهِ لأنَّ مِنْ سُنَّتِه ◙ أن لا يتصدَّق المرءُ بمالِه كلِّه ويبقَى فقيرًا فيتعرَّضَ لبنيه(1) الفقر، ولذلك قال ◙: ((خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ(2) ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)) وعولُهُ لِنَفْسِه أوكدُ عليه مِنَ الصَّدقةِ، وأمَّا قِسْمَةُ مالِ المُفلِسِ بينَ الغُرَمَاءِ فهو أَصْلٌ مُجْمَعٌ عليه إذا قامَ عليه غرماؤُهُ(3) وحالَ الحاكمُ بينَه وبينَ مالِهِ ووقفه لهم، ولا يَخْرُجُ هذا المعنى مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أصلًا.


[1] في المطبوع: ((لفتنة))، وغير واضحة في (ص).
[2] في (ز): ((من)).
[3] في (ز): ((غرماؤه عليه)).