شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز

          ░8▒ بَابُ إِذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أَوْ حَلَّلَهُ(1) فَهُوَ جَائِزٌ
          فيهِ جَابِرٌ: (أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاشْتَدَّ الغُرَمَاءُ في حُقُوقِهِمْ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلعم فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ(2) حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمُ النَّبيُّ صلعم حَائِطِي، وَقَالَ: سَنَغْدُو عَلَيْكَ، فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ، فَطَافَ في النَّخْلِ وَدَعَا في ثَمَرِهَا بِالبَرَكَةِ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ، وَبَقِيَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا). [خ¦2395]
          وترجم له باب مَنْ أخَّر الغريم إلى الغد أو نحوه ولم ير ذلك مطلًا، هكذا وقعت هذه التَّرجمة في النُّسخ كلِّها باب إذا قضى دون حقِّه أو حلَّله(3)، والصَّواب إذا قضى دون حقِّه وحلَّله بغير ألفٍ، لأنَّه لا يجوز أن يقضي ربُّ الدَّين دون حقِّه ويسقط مطالبته بباقيه إلَّا إن تحلَّل(4) منه.
          ولا خلاف بين العلماء أنَّه لو حلَّله مِنْ جميع الدَّين وأبرأه منه جاز ذلك(5)، فكذلك إذا حلَّله مِنْ بعضه، وأمَّا تأخير الغريم الواحد إلى الغد فهو مرتبطٌ بالعذر، وأمَّا مَنْ قدر على الأداء فلا يمطل به لقوله ◙: ((مَطْلُ الغَنِيِّ ظِلْمٌ))، وإنَّما أخَّر جابرٌ غرماءه رجاء بركة النَّبيِّ صلعم لأنَّه كان وعده أن يمشي معه على الثَّمر(6) ويبارك فيها، فحقَّق الله رجاءه، وظهرت بركة النَّبيِّ صلعم، وثبتت أعلام نبوَّته.
          وفيه مِنَ الفقه: مشي الإمام في حوائج النَّاس، واستشفاعه في الدُّيون، وقد ترجم بذلك(7).


[1] في (ز): ((وحلله)).
[2] في المطبوع: ((تمر)). غير واضحة في (ص).
[3] زاد في المطبوع: ((فهو جائز))، وغير واضحة في (ص).
[4] في المطبوع: ((حلَّل))، وغير واضحة في (ص).
[5] في المطبوع: ((الدَّين أو أبرأ ذمَّته أنَّه جائز))، وغير واضحة في (ص).
[6] في المطبوع: ((على التَّمر))، وغير واضح في (ص).
[7] في المطبوع: ((لذلك))، وغير واضح في (ص).