شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا قاص أو جازفه في الدين تمرًا بتمر أو غيره

          ░9▒ بَابٌ إِذَا قَاصَّهُ(1) أَوْ جَازَفَهُ في دَيْنٍ(2) فَهُوَ جَائِزٌ(3) ثَمَرًا بِثَمَرٍ(4) أَوْ غَيْرِهِ
          فيهِ جَابِرٌ: (أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللهِ صلعم لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم فكَلَّمَ(5) اليَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بالَّذِي لَهُ، فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ(6) صلعم النَّخْلَ فَمَشَى فِيهَا، ثمَّ قَالَ لِجَابِرٍ: جُدَّ لَهُ، فَأَوْفِ لَهُ الَّذِي لَهُ، فَجَدَّهُ بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللهُ(7) صلعم، فَأَوْفَاهُ(8) ثَلاَثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللهِ(9) صلعم لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي(10) كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي العَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالفَضْلِ، فَقَالَ: أَخْبِرْ بذَلِكَ(11) ابنَ الخَطَّابِ، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ(12) فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ(13) عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللهِ(14) صلعم لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا). [خ¦2396] /
          قالَ المُهَلَّبُ: لا يجوز عند العلماء أن يأخذ َمْن له دَيْنٌ مِنْ تمرٍ على أحدٍ تمرًا مجازفةً في دَيْنِه لأنَّ ذلك مِنَ الغرر والمجهول، وذلك حرامٌ فيما أمر فيه بالمماثلة، وإنَّما يجوز أن يأخذ مجازفةً في حقِّه أقلَّ مِنْ دَيْنِه إذا علم ذلك وتجاوز له، وهذا المعنى بيِّنٌ في حديث جابرٍ، لأنَّ النَّبيَّ صلعم حين كلَّم اليهوديَّ أن يأخذ تمر(15) النَّخل بالَّذي على أَبِي جابرٍ وأبَى اليهوديُّ مِنْ ذلك، ثبت أنَّ تمر النَّخل لا يفي(16) بالدَّين، وأنَّه أقلُّ ممَّا كان يلزمه غرمه، وقد جاء هذا منصوصًا في هذا الحديث.
          ذكرَه في كتاب الصُّلح في باب الصُّلح بين الغرماء وأصحاب الميراث [خ¦2709]، وفيه قال: ((فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا التَّمْرَ بِمَا عَلَيْهِ فَأَبَوا، وَلَمْ يَرَوا أَنْ فيهِ وَفَاءٌ)) وقد يجوز في باب حسن القضاء أن يزيده مِنْ صفته(17)، وإنَّما تحرم الزِّيادة بالشَّرط، وقال في باب الشَّفاعة [خ¦2405] وفي(18) وضع الدَّين، فأرجف الجمل يُقَالُ: أرجف البعير إذا أعيا فخرَّ برسنه، ورجف أيضًا.


[1] في المطبوع: ((قاصَّ))، وغير واضحة في (ص).
[2] في المطبوع: ((الدَّين))، وغير واضحة في (ص).
[3] قوله: ((فهو جائز)) ليس في المطبوع.
[4] في المطبوع: ((تمرًا بتمر)).
[5] في (ز): ((فجاءه رسول الله وكلَّم)).
[6] في (ز): ((فدخل النَّبيُّ)).
[7] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[8] في (ز): ((فأوفى له)).
[9] في (ز): ((النَّبيَّ)).
[10] في (ز): ((بما)).
[11] في (ز): ((قال أخبر بذلك)).
[12] قوله: ((فذهب جابر إلى عمر)) ليس في (ز).
[13] في المطبوع: ((قد)).
[14] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[15] في (ز): ((ثمر)).
[16] في (ز): ((لم يكن يفي)).
[17] في (ز): ((صنفه)).
[18] في (ز): ((في)).