شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب بيع الحطب والكلإ

          ░13▒ بَابُ بَيْعِ الحَطَبِ وَالكَلَأِ
          فيهِ الزُّبَيْرُ، عَنِ النَّبيِّ صلعم قَالَ(1): (لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلًا(2)، فَيَأْخُذَ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ فَيَبِيعَ فَيَكُفَّ اللهُ بِهِ وَجْهَهُ خَيْرٌ(3) مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أُعْطِيَ أَوْ مُنِعَ). [خ¦2373]
          وفيهِ عَلِيٌّ: (أَصَبْتُ شَارِفًا مَعَ النَّبيِّ صلعم في مَغْنَمٍ يَوْمَ(4) بَدْرٍ، قَالَ(5): وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ(6) صلعم شَارِفًا أُخْرَى فَأَنَخْتُهُمَا يَوْمًا(7) عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا(8) لأَبِيعَهُ، فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ) الحديثَ. [خ¦2375]
          قالَ المُهَلَّبُ: في هذا الباب(9) إباحة الاحتطاب في المباحات والاختلاء مِنْ نبات الأرض، كلُّ ذلك مباحٌ [حتَّى يقع التَّحظير مِنْ مالك الأرض، فترتفع الإباحة، وذكر ابنُ المَوَّازِ عن ابنِ القَاسِمِ عن مالكٍ قالَ: مَنْ كانت له أرضٌ يملكها ليست بأرض خربةٍ فأراد أن يبيع ما نبت فيها مِنَ المرعى بعد طيبه، أنَّه لا بأس به(10).
          وقالَ أَشْهَبُ: لا يجوز ذلك، لأنَّه رزقٌ مِنْ رزق الله، ولا يحلُّ لربِّ الأرض أن يمنع منه أحدًا، لقوله ◙: ((لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلَأُ)) ولو كان النَّبات في حائط إنسانٍ لما حلَّ(11) له أن يمنع منه أحدًا، لقوله ◙: ((لَا حِمَى إِلَّا للهِ وَلِرَسُولِهِ)) وقال الكوفيُّون كقول أَشْهَبَ.
          قالَ المُهَلَّبُ: وفيه مِنَ الفقه أنَّ تضمين الجنايات بين ذوي الأرحام العادةُ فيها أن تهدر مِنْ أجل القرابة، كما هدر عليٌّ قيمة النَّاقتين والجناية فيهما مع وكيد الحاجة إليهما، أو إلى(12) ما كان يستقبله مِنَ الإنفاق في وليمة عرسه، وفيه أنَّ للإمام أن يمضي إلى أهل بيتٍ بلغهُ أنَّهم على منكرٍ فيغيَّره، وفيه علَّة تحريم الخمر، ومعنى قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاء فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ}[المائدة:91]مِنْ أجل ما جفا به حَمْزَةُ على النَّبيِّ صلعم مِنْ هجر القول.
          والشُّرُفُ جمع شارِفٍ، وهي المسنَّة(13) مِنَ النُّوق والنِّواء جمع ناويةٍ، والنَّاوية السَّمينة، وقد نوت ينوي(14) نيًّا ونوايةً.
          ابنُ السِّكِّيْتِ: نوايةٌ، أبو حنيفةَ: أنوينا إبلنا: أسمناها، الخَطَّابيُّ: النَّيُّ: السَّمن، والنِّيُّ بالكسر: اللَّحم الطَّرِيُّ، وجبَّ قطع ومنه، قيل للخصيِّ: مجبوبٌ(15)، أي مقطوعٌ، وبقر البطن والشَّيء بقرًا شقَّه.]
(16)


[1] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[2] في (ز): ((حبلًا)).
[3] زاد في (ز): ((له)).
[4] قوله: ((يوم)) ليس في (ص).
[5] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[6] في (ز): ((النَّبيُّ)).
[7] قوله: ((يومًا)) ليس في (ز).
[8] في (ص): ((إذخر)).
[9] في (ز): ((الحديث. المهلَّب: في هذا الحديث)).
[10] في المطبوع: ((له)).
[11] في المطبوع: ((جازَ)).
[12] في (ز): ((فإلى)).
[13] في المطبوع: ((الحسنة)).
[14] في المطبوع: ((وقد نويت)).
[15] صورتها في (ز): ((مجبوت)).
[16] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).