شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخصومة في البئر والقضاء فيها

          [░4▒ بَابُ الخُصُومَةِ في البِئْرِ وَالقَضَاءِ فِيهَا
          فيهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبيِّ صلعم: (مَنْ حَلَفَ على يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ هُوَ عَلَيْها(1) فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللهُ ╡: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}[آل عِمْرَان:77]الآيَةَ، فَجَاءَ الأَشْعَثُ، فَقَالَ: مَا يُحَدِّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ كَانَتْ لِي بِئْرٌ في أَرْضِ ابنِ عَمٍّ لِي، فَقَالَ لِي: شُهُودَكَ(2)، قُلْتُ: مَا لِي شُهُودٌ، قَالَ: فَيَمِينُهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا يَحْلِف فَذَكَرَ النَّبيُّ صلعم هَذَا الحَدِيثَ فَأَنْزَلَ اللهُ ذَلِكَ تَصْدِيقًا لَهُ). [خ¦2356] [خ¦2357]
          قالَ المُهَلَّبُ: هذا الوعيد يخشى إنفاذه على كلِّ يمينٍ غموسٍ تقتطع بها مال أحدٍ بغير حقٍّ، وفيه التَّرجمة، وفيه أنَّ البيِّنة على المدعي، واليمين على مَنْ أنكر، وفيه جواز تولي الخصوم بعضهم بعضًا ممَّا(3) عرف مِنْ أحوالهم لقوله: (إِذًا يَحْلِف ويَذْهبُ بِحَقِّي) لأنَّه كان معلومًا بقلَّة التَّقوى، وقد قيل: إنَّه كان يهوديًّا، فإن كان كذلك فليس بين المسلم والذِّمِّي قصاصٌ ولا حدٌّ، وإن كان غير ذمِّيٍّ فلأنَّه كان معلومًا بالمجاهرة بالباطل.
          والدَّليل على صحَّة هذا القول نزول الآية مصدقة لقول النَّبيِّ صلعم وليس بمعلومٌ بالأحوال الدِّينيَّة مِنَ الحرمة ما لصالح المسلمين.]
(4)


[1] في المطبوع: ((فيها)).
[2] في المطبوع: ((شهود ذلك)).
[3] في المطبوع: ((بما)).
[4] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).