شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب شرب الناس والدواب من الأنهار

          [░12▒ بَابُ شُرْبِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبيَّ(1) صلعم قَالَ: (الخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ... الحديثَ(2)، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ]
(3) / حَسَنَاتٍ لَهُ، فهِيَ(4) لِذَلِكَ أَجْرٌ). [خ¦2371]
          وفيهِ زَيْدُ بنُ خَالِدٍ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلعم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ...، قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا). [خ¦2372]
          أجمع العلماء أنَّه يجوز الشُّرب مِنَ الأنهار دون استئذان أحدٍ، لأنَّ الله ╡ خلقها للنَّاس والبهائم، وأنَّه لا مالك لها غير الله تعالى وأجمعوا أنَّه لا يجوز لأحدٍ بيع الماء في النَّهر، وأنَّه(5) لا يتعيَّن لأحدٍ فيه حقٌّ(6)، فإذا أخذه(7) في وعائه(8) أو آنيته جاز له بيعه.
          وقال مالكٌ: لا بأس ببيع الماء بالماء متفاضلًا وإلى(9) أجلٍ، وهو قول أبي حنيفةَ، وقال مُحَمَّدٌ: هو ممَّا يُكال ويُوزن، لما رُوِيَ أنَّه كان يتوضأ بالمدِّ ويغتسل بالصَّاع. وعلى هذا لا يجوز عنده فيه(10) التَّفاضل والنَّسيئة، لأنَّ علَّته في الرِّبا الكيل والوزن. قال(11) الشَّافعيُّ: لا يجوز بيعه متفاضلًا ولا إلى أجلٍ، لأنَّ علَّته في الرِّبا أن يكون مأكولًا جنسًا.


[1] في المطبوع: ((رسول الله)).
[2] في المطبوع: ((الخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وعلى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبِيلِ اللهِ...، الحديث)).
[3] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).
[4] في المطبوع: ((وهي))، وغير واضحة في (ص).
[5] في (ز): ((لأنَّه)).
[6] في (ز): ((لا يتعيَّن فيه لأحد حقٌّ)).
[7] في (ز): ((أحرزه)).
[8] في (ز): ((وعائه)).
[9] في (ز): ((أو إلى)).
[10] في المطبوع: ((لا يجوز فيه))، وفي (ز): ((لا يجوز عنده الرِّبا في)).
[11] في (ز): ((وقال)).