عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: تقطع يد السارق في ربع دينار
  
              

          6790- (ص) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَير وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ♦، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: «تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ».
          (ش) هذا طريقٌ آخرُ في حديث عائشة، [ولكن فيه عن ابن شهابٍ، عن عروة بن الزُّبَير وعمرة بنت عبد الرَّحْمَن؛ كلاهما عن عائشة]، بخلاف الطريق الذي مضى، فإنَّ فيه الاقتصار على عَمْرة، وهذا أيضًا مِمَّا يحتجُّ به الشَّافِعِيَّةُ في قطع يد السارق في ربع دينارٍ, وقالوا: هذا إخبارٌ مِن عائشة عن قول النَّبِيِّ صلعم ، فدلَّ ذلك أنَّ ما ذكر عنها في الحديث السابق مِن قطع النَّبِيِّ صلعم في ربع دينار فصاعدًا؛ أنَّها إِنَّما أخذت ذلك عن رسول الله صلعم مِمَّا وقفها عليه، على ما في هذا الحديث، لا مِن جهة تقويمها لما كان قطع فيه, وأجاب الطَّحَاويُّ عن ذلك: بأنَّا كنَّا نسلِّم ما ذكرتم مِن ذلك، لو لم يختلف في ذلك عن عائشة، فقد روى ابن عُيَيْنَة عن الزُّهْريِّ عن عَمْرة [عن عائشة قالت: كان يقطع النَّبِيُّ صلعم في ربع الدينار فصاعدًا، ففي رواية سفيان بن عُيَيْنَةَ [عن الزُّهْريِّ عن عَمْرة] عنها إخبارٌ عن قوله صلعم ، ويونس هذا لا يقارب عندكم ولا عند غيركم سفيان بن عُيَيْنَةَ] فكيف يحتجُّون بقول يونس ويتركون / قول سفيان؟ وقال بعضهم: نقل الطَّحَاويُّ عن المحدِّثين أنَّهم يقدِّمون ابنَ عُيَينة في الزُّهْريِّ على يونس، فليس متَّفقًا عليه عندهم، بل أكثرهم على العكس، وممَّن جزم بتقديم يونس على سفيان في الزُّهْريِّ يحيى بنُ مَعِينٍ وأحمدُ بنُ صالحٍ المصريُّ، انتهى.
          قُلْت: سفيان إمامٌ عالمٌ ورعٌ زاهدٌ حجَّةٌ ثَبتٌ مُجَمعٌ على صحَّة حديثه، وكيف يقارنه يونس بن يزيد، وقد قال ابن سعدٍ: كان يونس حلوَ الحديث وكثيره، وليس بحجَّةٍ، وربمَّا جاء بالشيء المُنكَر.