عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب لعن السارق إذا لم يسم
  
              

          ░7▒ (ص) بابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكم لَعْنِ السارق إذا لم يعيِّنه، وكأنَّه أشار بهذه الترجمة إلى وجه التوفيق بين النَّهي عن لعن الشارب المعيَّن وبين حديث الباب، وقال صاحب «التلويح»: قوله في الترجمة: «بابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ» كذا في جميع النُّسَخ, فإن صحَّت الترجمة فهو أنَّهُ لا ينبغي تعييرُ أهل المعاصي ومواجهتُهم باللَّعْنَةِ، وإِنَّما ينبغي أن يلعنَ في الجملة مَن فَعَلَ فِعْلَهم؛ ليكون ذلك ردعًا وزَجرًا عن انتهاك شيء منها، فإذا وقعت مِن معيَّن لم يلعن بعينه؛ لئلَّا يقنط وييئَس، ولنهيِ النَّبِيِّ صلعم عن لَعْنِ النُّعَيمان، وقال ابن بَطَّالٍ: فإن كان البُخَاريُّ أشارَ إلى هذا فهو غيرُ صحيح؛ لأنَّ الشارع إِنَّما نهى عن لَعْنِه بعد إقامة الحدِّ عليه، فدلَّ على الفرقِ بين مَن تجبُ لعنتُه ومَن لا تجب، وبانَ بِهِ أنَّه مَن أُقيم عليه الحدُّ لا ينبغي لعنته، وبيَّنَ مَن لم يقم عليه فاللَّعنةُ متوجِّهة إليه، سواء سُمِّي وعُيِّن أم لا؛ لأنَّه صلعم لا يلعن إلَّا مَن تجبُ عليه اللَّعنة ما دام على تلك الحالة الموجبة لها، فإذا تابَ منها وطهَّره الحدُّ؛ فلا لعنةَ تتوجَّه إليه.