عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب
  
              

          ░33▒ (ص) بَابُ قَوْلِ الإِمَامِ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان قول الإمام... إلى آخره، وقال بعضهم: فيه تغليب المذكَّر على المؤنَّث.
          قُلْت: لا يقال في مثل هذا: تغليب المذكَّر على المؤنَّث؛ لأنَّ التثنية إذا كانت للخطاب يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث، وقال عياضٌ: في قوله: «أحدكما» ردٌّ على مَن قال مِنَ النحاة: إنَّ لفظ «أحد» لا يُستَعمل إلَّا في النفي، وعلى مَن قال منهم: لا يُستَعَمل إلَّا في الوصف، وأنَّها لا توضع موضعَ «واحد» ولا تقع موقعه، وقد جاء في هذا الحديث في غير وصفٍ ولا نفيٍ، وبمعنى «واحد»، ورُدَّ عليه بأنَّ الذي قالته النحاة إِنَّما هو في «أحد» الذي للعموم؛ نحو: ما في الدار مِن أحد، وما جاءني مِن أحد، وأَمَّا «أحد» بمعنى «واحد» فلا خلاف في استعمالها في الإثبات، نحو: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1] ونحو: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ}[النور:6] ونحو: «أحدكما كاذبٌ».
          قوله: (فَهَلْ مِنْكُمَا مِن تَائِبٍ؟) يحتمل أن يكون إرشادًا؛ لأنَّه لم يحصل منهما، ولا مِن أحدهما اعترافٌ، ولأنَّ الزوج إذا كذَّب نفسه كانت توبةً منه.