الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الاستحاضة

          ░8▒ (بَابُ الاِسْتِحَاضَةِ): هذه إحدى توابع الحيض المقصود بالذات من كتاب الحيض، وتقدم أنها: دم يخرج في غير أوقات الحيض والنفاس، وحكمها: أنها حدث دائم كسلس، فلا تمنع صوماً، ولا صلاة، ولا وطئاً، وإن كان الدم جارياً، ولا كراهة فيه إن كان في زمن يحكم لها فيه بكونها طاهرة، وهذا محله في غير المتحيرة كما سيأتي.
          قال العيني: واعلم أن وطء المستحاضة جائز في حال جريان الدم عند جمهور العلماء، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس، وابن المسيب، والحسن، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وبكر المزني، والأوزاعي، والثوري، ومالك، وإسحاق، وأبي ثور، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي لما في أبي داود بسند جيد: أن حمنة كانت مستحاضة وكان زوجها يأتيها.
          قال ابن المنذر: روينا عن عائشة: أنه كان لا يأتيها.
          وبه قال النخعي، والحكم، وسليمان بن يسار، والزهري، والشعبي، وابن علية، وكرهه ابن سيرين، وقال أحمد: لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها، وفي رواية: لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها العنت، فيلزم المستحاضة أن تغسل فرجها إن لم تستنج بالأحجار بناء على الأصح مع جوازها فيها وتعصبه، وتحش الفرج إن لم تكن صائمة ولم يضرها وتتوضأ، أو تتيمم عقب العصب وقت الصلاة، فلا يكفي قبله، وتبادر بها إلا لمصلحة الصلاة كستر عورة، وانتظار جماعة، وذهاب لمسجد، فلا يضر على الصحيح، ويجب عليها الوضوء لكل فرض كالتيمم، وكذا تجديد العصابة وإن لم تزل عن محلها، ولا ظهر الدم بجوانبها.