الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

          ░3▒ (بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ): أي: باب جواز قراءة الرجل القرآن، فالمصدر مضاف لفاعله، والمفعول محذوف، ووقع في رواية: (باب قراءة القرآن): بحذف الفاعل، والإضافة إلى المفعول أو المصدر منزل منزلة اللازم (فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ): متعلق بالمصدر أو حال من (الرجل): أي: حال كونه واضعاً رأسه في حجرها، والحجْر _بفتح الحاء وكسرها وقد تضم وسكون الجيم_ بمعنى: حضن الإنسان، والجمع: حجور، ففي على بابها، أو متكئاً على حجرها على حد: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71].
          وجملة: (وَهْي حَائِضٌ): حالية، ومثلها النفساء بالأولى إذا كانت جنباً، وغرضه من هذه الترجمة على ما فيه ما قاله ابن بطال _كما يأتي_ جواز حمل الحائض، ومن في معناها المصحف بنحو علاقة من غير مسه، وإلا فجواز قراءة الرجل القرآن واضعاً رأسه في حجر امرأته الحائض، لا نعلم فيه خلافاً، فتدبر، لكن لما كانت تمنع من القراءة ربما يتوهم امتناعها من غيرها في حجرها، كما سيأتي عن ابن دقيق العيد
          (وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ): بالهمز، وهو شقيق ابن سلمة، تابعي مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وتقدم في باب خوف المؤمن أن يحبط عمله (يُرْسِلُ خَادِمَهُ): أي: جاريته بدليل (وَهْيَ حَائِضٌ): والخادم: يطلق على المذكر والمؤنث (إِلَى أَبِي رَزِينٍ): بفتح الراء وكسر الزاي وبتحتية فنون: مسعود بن مالك الأسدي مولى أبي وائل تابعي مشهور أيضاً (فَتَأْتِيهِ): أي: أبا وائل، ولأبوي ذر والوقت:<لتأتيه> (بِالمُصْحَفِ): مثلث الميم (فَتُمْسِكُهُ بِعِلاَقَتِهِ): بكسر العين المهملة: ما يعلق به من الخيط أو نحوه الذي يربط به كسيه، ومثله علاقة السيف مثلاً، وأما العَلاقة _بفتح العين_ فهي في الحب ونحوه كقوله:
أعلاقة أم الوليد بعد ما                     أقنان رأسك كالثغام المحلس
          وغرض المؤلف من هذا الأثر الذي وصله ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح: الاستدلال على جواز حمل الحائض والجنب المصحف من غير مسه وهو ظاهر؛ لكنه ليس نظير حديث عائشة _كما سيأتي قريباً بما فيه_ من أن الحمل مخل بالتعظيم بخلاف الاتكاء؛ فإنه لا يسمى في العرف حملاً.