الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟

          ░7▒ (باب إِذَا غَدَرَ) بفتحات، وقال في ((القاموس)): الغَدْرُ ضدُّ الوفاءِ، غَدَرَهُ، وبه _كنصرَ وضربَ وسمعَ_ غَدْراً وغَدَراناً محرَّكةً، انتهى.
          وقال شيخُ الإسلام كالعينيِّ: الغدرُ يقالُ لضدِّ الوفاءِ، وللخيانة، ولنقضِ العهد؛ أي: خان.
          (المُشْرِكُونَ) يعني: الكفَّارَ (بِالْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ) الجار والمجرور نائبُ فاعلِ: ((يُعفى)) ولم يذكرِ البخاريُّ جوابَ الاستفهام؛ للاختلافِ في أنه عليه السَّلامُ عاقبَ المرأةَ التي أهدَتِ الشاةَ المسمومةَ أم لا؟ كما سيأتي بسطُه في المغازي، والمشهورُ أنه عليه السَّلامُ لم يعاقِبْها لنفسِه، وإنَّما قتلَها بعد ذلك قِصاصاً في بِشْرِ ابنِ البراء؛ لأنَّه مات بالسَّمِّ الذي جعلته في لحمِ الشاةِ التي أهدَتْها للنبيِّ ولأصحابِه.
          وحكمُ أهلِ الذمةِ عند الشافعيَّةِ أنهم إن قاتلونا أو امتنعوا من الجِزيةِ أو من إجراءِ حُكمِ الإسلامِ عليهم انتقضَ عهدُهم، قيل: يجبُ دفعُ المقاتلِ منهم وقتالُه، وإن انتقَضَ بغيرِه فلا يجبُ أن يبلُغَ مأمَنَه في الأظهر، بل يختارُ الإمامُ فيه قتلاً ورِقًّا ومَنًّا وفِداءً، فإنْ أسلَمَ قبل اختيارِ الرِّقِّ امتنعَ استرقاقُه، وأحكامُهم مبسوطةٌ في الفروع.