الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما أقطع النبي من البحرين

          ░4▒ (باب مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صلعم مِنَ الْبَحْرَيْنِ) الجارُّ والمجرورُ بيانٌ لِـ((ما)) المضافِ إليها ((بابُ)).
          وقال شيخُ الإسلامِ: ((ما)) في الموضعَين مصدريةٌ أو موصولةٌ، انتهى، فتأمَّله.
          و((البحرين)) في الأصل: تثنيةُ: البحرِ، ضدِّ: البَرِّ، ثم صار اسماً لبَلدةٍ في العراقِ من جهةِ الهِندِ، والمرادُ ما أرادَ النبيُّ عليه السَّلامُ من إقطاعِ ما يحصُلُ من مالِ البحرينِ؛ لأنَّها فُتحت صُلحاً، فلم يكُنْ من أرضِها شيءٌ يُقطَعُ، وأكثرُ ما يستعمَلُ الإقطاعُ في الأرضِ، ويكونُ تمليكاً وغيرَه.
          وعبارةُ ((الفتح)): المرادُ بإقطاعِها للأنصارِ: تخصيصُهم بما يتحصَّلُ من جِزيتِها وخَراجِها، لا تمليكُ رقَبتِها؛ لأنَّ أرضَ الصُّلحِ لا تُقسَمُ ولا تُقطَعُ، انتهت.
          (وَمَا وَعَدَ) أي: النبيُّ صلعم (مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ) بجرِّ: ((الجزيةِ)) عطفٌ على ((ما)) من عطفِ الخاصِّ على العامِّ؛ كعطفِها في قوله: (وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ) برفعِ: ((الجِزيةُ)) عطفٌ على: ((الفيءُ)) الواقعِ نائبَ فاعلِ: ((يقسَمُ)) المتعلِّقِ به: ((لمَن)) الواقِعةِ استِفهاميةً، وجملةُ: ((يقسَمُ...)) إلخ، بتقديرِ: بابٌ آخرُ _منوناً_ عطفٌ على: ((باب)) لا على: ((ما أقطع)) كما يقتضيه كلامُ بعضِهم، فإنه يقتضي أن يكونَ: ((باب)) المذكورُ منوَّناً وغيرَ منوَّنٍ، فافهم.
          وقد اشتملتِ التَّرجمةُ على ثلاثةِ أحكامٍ، وأحاديثُ البابِ الثَّلاثةُ موزَّعةٌ عليها على الترتيبِ، قاله في ((الفتح)).