الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده

          ░16▒ (باب الْعَبْدِ) أي: بيانِ ثوابِهِ، أو فضلِهِ، أو حُكمِهِ (إِذَا أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ) أي: بأن أقامَها بشروطها وأركانها ومكمِّلاتِها (وَنَصَحَ) بفتح الصاد والحاء المهملتين، قال في ((المصباح)): نصَحتُ لزيدٍ، أنصحُ له، نُصْحاً ونصيحةً، هذه اللغةُ الفصيحةُ، وعليها قولُه تعالى: {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هو:34] وفي لغة: يتعدَّى بنفسِه، فيُقال: نصحتُه، وهو الإخلاصُ والصِّدقُ في المشُوْرةِ والعملِ، والفاعلُ: ناصحٌ ونصيحٌ، والجمعُ: نُصَحاءُ، وتنصَّحَ: تشبَّهَ بالنُّصَحاء، انتهى.
          وجعل في ((القاموس)) النَّصيحةَ اسماً لا مصدراً، قال فيه: نصحَه وله _كمنعه_ نُصْحاً ونَصاحةً ونَصاحيَةً، وهو ناصحٌ ونَصيحٌ، من نصَحَ، ونَصَّاحٌ، والاسمُ: النَّصِيحةُ، انتهى.
          وقال الكِرمانيُّ: النَّصيحةُ كلمةٌ جامعةٌ، معناها: حيازةُ الحظِّ للمنَصوحِ له، وهو إرادةُ صلاحِ حالِهِ وتخليصِهِ من الخَلَلِ، وتصفيتِهِ من الغشِّ.
          (سَيِّدَهُ) أي: مالكَه، وهو مفعولُ ((نصحَ))، تعدَّى إليه بنفسِهِ على اللغة القليلةِ، لكنْ ظاهرُ كلام ((القاموس)) / أنَّها مثلُ لغةِ التعديةِ باللام، وفي بعضِ الأصُول: <لسيِّدِه> باللام في الترجمةِ والحديثِ على اللُّغةِ الفصحى، و((إذا)) لمجرَّدِ الظرفية، متعلِّقٌ بالمُضافِ المقدَّرِ، أو حالٌ من العبد، وظاهرُ كلامِ شيخِ الإسلامِ أنَّها شرطيةٌ، حيثُ قال عَقِبَ ذلك: أثابَه اللهُ ثواباً جزيلاً.