الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له مال استسعى العبد

          ░5▒ (باب إِذَا أَعْتَقَ) أي: المعتِقُ (نَصِيباً له) وسقط: <له> من أكثرِ الأصُول (في عَبْدٍ) أي: أو أمَةٍ، وجملةُ: (وَلَيْسَ لَهُ) أي: للمُعتِقِ (مَالٌ) حاليةٌ.
          وقوله: (اسْتُسْعِيَ) ماضٍ مبنيٌّ للمفعولِ (العبدُ) نائبُ فاعلِهِ، جوابُ ((إذا)) الشَّرطيةِ (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) حالٌ من ((العبد)) أي: لا يُكلَّفُ ما يشُقُّ عليه في الاستِسعَاءِ الذي هو تكليفُ العبدِ الاكتِسابَ ليُحصِّلَ قيمةَ حصَّةِ شريكِ المعتِقِ، فيتخلَّصَ من الرِّقِّ.
          وقوله: (عَلَى نَحْوِ الْكِتَابَةِ) متعلِّقٌ بـ: ((استُسعيَ)) يعني: استُسعيَ العبدُ المذكورُ كالمكاتَبِ في أنَّه يؤدِّي النُّجومَ شيئاً فشيئاً حتى يَعتِقَ، فتأمَّل، وأشارَ البخاريُّ بهذه الترجمةِ إلى أنَّه يرى صحَّةَ حديثِ ابنِ عمرَ المارِّ في البابِ / قبلَهُ من سائرِ طُرقِه، وصحةَ حديثِ أبي هريرةَ من طريقَيه المذكورَين هنا، وأنَّه يُمكِنُ الجمعُ بين قولِه في الأول: ((وإلَّا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ)) وبين قوله في الثاني: ((استُسعيَ العبدُ)) بحَملِ ما في الأول على ما إذا لم يكُنْ له مالٌ يبلُغُ قيمةَ العبدِ، فلا يَعتِقُ منه إلا ما أعتقَه، ثمَّ يُستسعى العبدُ في تَنجيزِ حريَّةِ باقيهِ، فكلٌّ من الزيادتَينِ مرفوعةٌ صَحيحةٌ لها مَحمَلٌ صَحيحٌ، واستبعدَ الإسماعيليُّ هذا الجمع، وحكمَ بأنَّ الحديثَينِ متدافعانِ، وأنَّ الزيادةَ في الأوَّل من قولِ نافعٍ، وفي الثاني من قولِ قَتادةَ، أشارَ إلى ذلك في ((الفتح))، وتقدَّمَ الكلامُ على ذلك أيضاً في بابِ تَقويمِ الأشياءِ بينَ الشُّرَكاءِ بقِيمةِ عَدْلٍ.