الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف والآيات

          ░3▒ (باب مَا يُسْتَحَبُّ) بالبناء للمفعول (مِنَ الْعَتَاقَةِ) بيانٌ لـ((ما)) وهي بفتح العين.
          قال في ((الفتح)): ووهَمَ مَنْ كسَرَها، قال الكِرمانيُّ: والمرادُ منها الإعتاقُ على سبيلِ الكِنايةِ، وهو مَلزومُ العَتاقةِ، انتهى.
          واعترضَه العَينيُّ، فقال: كلٌّ منهما مصدرُ أعتَقَ، فلا حاجةَ إلى هذا التكلُّفِ، انتهى.
          وفيه أنَّ العَتاقةَ مصدَرُ عَتَقَ المجرَّدِ لا المزيدِ، كما مرَّ أولَ كتابِ العتقِ، فما قاله الكِرمانيُّ صحيحٌ.
          وقوله: (فِي الْكُسُوفِ) متعلِّقٌ بـ((يُستحَبُّ)) (والآيَاتِ) جمعُ: آيةٍ _بالمدِّ_ بمعنى العَلامةِ، كخُسوفِ القمرِ والظُّلمةِ الشَّديدةِ، وكالصَّواعقِ والزَّلازِلِ والأرياحِ الشَّديدةِ والخَسْفِ، وهو من عطفِ العامِّ على الخاصِّ، سواءٌ خصَّينا الكُسوفَ بالشَّمسِ أو بالقمر، أو جعَلْناه شاملاً لهما، ولأبوي ذرٍّ والوقتِ وابنِ شَبُّوَيهِ: <أو الآيات> بـ<أو> وهي بمعنى الواو، للتَّنويعِ لا للشَّكِّ، وقيل: بمعنى: بل، قالَهما الكِرمانيُّ، واعترضَه العَينيُّ في الوجهِ الثَّاني بأنَّه لا وجْهَ له على ما لا يخفَى، انتهى.
          وأقول: معناهُ ظاهرٌ على جَعلِ: بل للانتِقالِ لا للإبطالِ، نعم يَرِدُ عليه أنَّ عطفَ العامِّ على الخاصِّ مخصُوصٌ بالواو، ولا يكونُ بغيرِها، فتدبَّر.