الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من استأجر أجيرًا فبين له الأجل ولم يبين العمل

          ░6▒ (باب مَنِ اسْتَأْجَرَ) ولأبي ذرٍّ: <بابٌ: إذا استأجَرَ> كذا في القسطلاني، ونسَبَ في ((الفتح)) الأولى لأبي ذرٍّ (أَجِيراً فَبَيَّنَ) بتشديد المثناة التحتية؛ أي: مَن استأجَرَ (لَهُ) أي: للأجيرِ (الأَجَلَ) أي: المدَّةَ المشروطةَ، وللأصيليِّ كما في ((الفتح)): <الأجْر> بسكون الجيم وبالراء، قال: والأولُ أوجَهُ (وَلَمْ يُبَيِّنِ الْعَمَلَ) أي: الذي استأجَرَه ليعمَلَه، والجملةٌ حاليَّةٌ أو معطوفةٌ، والجوابُ محذوفٌ؛ أي: هل يصِحُّ ذلك أم لا؟ وميلُ المصنِّفِ إلى الجوازِ؛ لأنَّه احتجَّ لذلك، فقال:
          (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} إِلَى قَوْلِهِ تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}) لكنَّه لم يُفصحِ المصنِّفُ بالجوازِ؛ للاحتمالِ في ذلك، ذكرَه في ((الفتح)) وقال فيه أيضاً: ووجهُ الدَّلالةِ أنه لم يقَعْ في سياقِ القصَّةِ بيانُ العمل، وإنَّما فيه أنَّ موسى عليه السَّلامُ أجَّرَ نفسَه من والدِ المرأتَين على أنه إنَّما تتمُّ الدَّلالةُ بالآيةِ إذا قلنا: إنَّ شرعَ مَن قبلَنا شرعٌ لنا إذا ورَدَ شَرعُنا بتقريرِه.
          قال: وقد احتَجَّ الشافعيُّ بهذه الآيةِ على مشروعيَّةِ الإجارة، فقال: ذكرَ الله أنَّ نبيًّا من أنبيائه عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ أجَّرَ نفسَه حجَجاً مسمَّاةً ملَكَ بها بِضعَ امرأةٍ، وقيل: استأجرَه ليرعى له، انتهى.
          فعلى ما قرَّرَه الشافعيُّ يكونُ الأجَلُ معلوماً، والعمَلُ معلوماً؛ وهو: الرَّعيُ، فلذا جعلَه صَداقاً، والاستئجارُ لعينِ موسى، ويحتمِلُ على بُعدٍ أنه لذمتِه.
          وأمَّا المصنِّفُ، فقيل: فهِمَ أنَّ العملَ غيرُ معلومٍ، وأنَّ ذلك لا يضُرُّ في صحَّةِ الإجارة، فلذا اعترضَه المهلَّبُ، فقال: ليس كما ترجَمَ البُخاريُّ؛ لأنَّ العملَ عندهم معلومٌ من سقيٍ وحَرثٍ ورَعيٍ واحتِطابٍ، وما شاكَلَ أعمالَ الباديةِ، فهذا متعارَفٌ، وكأنَّه مذكورٌ، وإن لم يبيِّنْ له تفصيلَ الأعمال، كقوله: إنك تحرُثُ كذا من السَّنةِ، وترعى كذا منها، فهذا جائزٌ، وإنَّما الذي لا يجوزُ عند الجميعِ أن تكونَ المدَّةُ مجهولةً، والعملُ مجهولاً غير معهودٍ.
          قال: والنِّكاحُ الآن على مثلِ هذا لا يجوزُ عند أهلِ المدينةِ؛ لظهورِ الغَررِ، وهذا خصوصيَّةٌ لموسى وشُعيبٍ عليهما السلام عند أكثرِ العلماءِ، بدليلِ أنه لم يعيِّنْ له الزوجةَ.
          وقال أبو حنيفةَ وأبو يوسُفَ: إن كان الزوجُ حرًّا، فلها مِهرُ مثلها، وإن كان عبداً فلها خدمةُ سنةٍ، وقال محمَّدٌ: يجِبُ عليه قيمةُ الخدمةِ سنةً؛ لأنَّها / متقوَّمةٌ، وقال الشافعيُّ: النِّكاحُ جائزٌ على الخدمةِ إذا كان الوقتُ معلوماً، وبه قال أحمدُ في روايةٍ.
          وقال مالكٌ: يفسخُ النِّكاحُ إن لم يكُنْ دخل بها، وإلا فيثبُتُ النِّكاحُ بمَهرِ المثلِ، ومثلُ هذا الاختلافِ يجري في تعليمِ القرآن، هذا حاصلُ ما ذكره على ما في ابن بطَّال مع زيادةٍ.
          لكن قال ابنُ المنيِّر: ظنَّ المهلَّبُ أنَّ البُخاريَّ أجازَ أن يكونَ العملُ مجهولاً، قال: وليس كما ظنَّ، بل إنَّما أراد أنَّ التنصيصَ على العملِ لفظاً لا يشترَطُ؛ لأنَّ المتَّبَعَ المقاصِدُ لا الألفاظُ، انتهى.
          قال في ((الفتح)): ويحتمِلُ أنَّ المصنِّفَ أشار إلى ما أخرجَه ابنُ ماجَهْ بسندٍ فيه ضعفٌ عن عُقْبةَ _بسكون الفوقية بعد العين المضمومة_ ابن النُّدَّرِ _بضم النون وتشديد الدال المهملة فراء_ قال: كنَّا عندَ رسولِ الله صلعم، فقال: ((إنَّ موسى آجَرَ نفسَه ثمان سنينَ أو عَشْراً على عِفَّةِ فَرجِه وطعامِ بطنِه)) فإنَّ الحديثَ ليس فيه بيانُ العملِ من قبَلِ موسى عليه السَّلامُ.
          قال: وقد أبعَدَ من جوَّزَ أن يكونَ المهرُ شيئاً آخرَ غيرَ الرعيِ، وإنَّما أراد شعيبٌ عليه السَّلامُ أن يَرعى غنَمَه هذه المدَّةَ ويزوِّجَه ابنتَه، فذكر له الأمرَين، وعلَّقَ التزويجَ على الرِّعْيةِ على وجهِ المعاهَدةِ لا المعاقَدة، فاستأجرَه لرعيِ غنمِه بشيءٍ معلومٍ بينهما، ثم أنكَحَه ابنتَه بمَهرٍ معلومٍ، انتهى فتأمَّله.
          هذا وينبغي الكلامُ على الآيتَينِ إجمالاً لذِكرِ المصنِّفِ لهما، فقوله:
          ({قَالَ}) أي: شعيبٌ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو المرادُ من نحو قولِه تعالى: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص:23] ({إِنِّي}) بكسر الهمزة ({أُرِيدُ}) أي: أقصِدُ ({أَنْ أُنْكِحَكَ}) بضم الهمزة وكسر الكاف، الخطابُ لموسى عليه السَّلامُ؛ أي: أزوِّجَكَ بعقدٍ ({إِحْدَى ابْنَتيَّ}) تقدَّمَ قريباً في باب استئجارِ الرجلِ الصالحِ أول كتابِ الإجارةِ أنَّ التي تزوَّجَها موسى عليه السَّلامُ الصُّغرى على الأصحِّ، وبيانُ اسمِها واسم الكبرى، وهذا الكلامُ كان من شُعيبٍ مُواعدةً قبل العقد، فلمَّا أرادَه عيَّنَ الزوجةَ وميَّزَها ليصِحَّ النِّكاحُ، ولو كان عقداً لقال: قد أنكَحتُك، قاله في ((الكشاف)).
          وعبارةُ البيضاويِّ: وهذا استدعاءُ العقدِ لا نفسُه، فلعلَّه جرى على معيَّنةٍ وبمهرٍ آخرَ أو برعيةِ الأجلِ الأولِ، ووعدَه أن يوفِّيَ الأجرَ إن تيسَّرَ له قبلَ العقدِ، وكانت الأغنامُ للزَّوجةِ، مع أنه يمكِنُ اختلافُ الشرائعِ في ذلك، انتهت.
          وقوله: ({عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي}) متعلِّقٌ بـ{أُنْكِحَكَ} لا بـ{أُرِيْدُ} و{تَأْجُرَنِي} بسكون الهمزة وضم الجيم؛ أي: تؤجِّرَ نفسَك مني، أو تكونَ لي أجيراً، أو تُثيبَني، وقال العينيُّ: من أجَّرتُه؛ إذا كنتَ له أجيراً، كقولِه: أبَوتُه؛ إذا كنتَ له أباً، ويجوزُ أن يكونَ من: أجَّرتُه كذا: إذا أثَبَتَه إياه.
          فقوله: ({ثَمَانِيَ حِجَجٍ}) ظرفٌ على الوجهَين الأولَين، ومفعولٌ به على الثالث، لكن بتقدير مضافٍ؛ أي: رعيةِ {ثَمَانِيَ} و{حِجَجٍ} أي: سنينَ، جمع: حجَّةٍ أيضاً بمعنى: سنةٍ _بكسر الحاء المهملة فيهما_ ({فَإنْ أَتْمَمْتَ عَشْرَاً}) أي: أكملتَ عمَلَ عشرَ سنينَ ({فَمِنْ عِنْدِكَ}) أي: فإتمامُه من عندِك تفضُّلاً، لا من عندي إلزاماً عليك ({وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ}) أي: في إلزامِكَ إتمامَ العشْرِ، أو التَّشديدِ عليك في مُراعاةِ الأوقاتِ واستيفاءِ الأعمَالِ ({قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}) أي: في حُسنِ المعامَلةِ لك، ولينِ الجانبِ، والوفاءِ بالعهدِ، وأتى بسين الاستقبالِ؛ لأنَّ وجدانَه في ذلك من الصالحين مستقبَلٌ.
          قال في ((الكشاف)): والمرادُ باشتراطِ مشيئةِ الله فيما وعَدَ من الصَّلاحِ: الاتِّكالُ على توفيقِه فيه ومعونتِهِ، لا أنه يستعمِلُ الصَّلاحَ إن شاء الله، وإن شاءَ استعمَلَ خِلافَه، انتهى فتأمَّلْه.
          ({قَالَ}) أي: موسى لشُعيبٍ عليهما السلام ({ذَلِكَ}) أي: الذي عاهدتَني عليه وشرطتُه ({بَيْنِي وَبَيْنَكَ}) / أي: كائنٌ وقائمٌ بيننا جميعاً لا نخرُجُ عنه، فلي ما شرطتُه عليك من تزويجِ إحداهما، ولك ما شرطتَ عليَّ من العملِ، فذلك مبتدأٌ، والظرفُ: خبرُه ({أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ}) أي: أطولَهما أو أقصرَهما ({قَضَيْتُ}) أي: أدَّيتُ ووفَّيتُك إياه ({فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ}) أي: فلا ظُلمَ عليَّ في مطالبتي بأكثرَ منهما، فكما لا تُطالِبُني بالزِّيادةِ على العشْرِ، لا تطالِبْني بالزيادةِ على الثَّمانيةِ، أو المعنى: فلا أكونُ معتدِياً بتركِ الزيادةِ عليه، كقولك: فلا إثمَ عليَّ، وهذا أبلغُ في إثباتِ الخيرةِ وتساوي الأجلَين في القضاءِ من أن يقالَ: إن قضَيتُ الأقصَرَ فلا عُدوانَ عليَّ، فلا يرِدُ ما يقال: لا يتصوَّرُ العُدوانُ إلا في أقصرِ الأجلَين، فلا معنى لتعليقِ العُدوانِ بهما.
          قال في ((الكشاف)): وقرأ ابنُ مسعودٍ: ▬أيُّ الأجلَين ما قضَيتُ↨ ثم قال: فإن قلتَ: ما الفرقُ بين مَوقِعي {مَا} المزيدة في القراءتين؟ قلتُ: وقعَتْ في المستفيضةِ مؤكِّدةً لإبهامِ {أي} زائدةً في شياعِها، وفي الشاذَّةِ: تأكيداً للقضاءِ، كأنه قال: أيُّ الأجلَين صمَّمْتُ على قضائهِ وجرَّدتُ عزيمتي، فلا عُدوانَ عليَّ، وقُرئَ: ▬أيْما الأجلَين↨ بياءٍ واحدةٍ ساكنةٍ، كقوله:
تنظَّرْتُ نَصْراً والسِّمْاكَينِ أيْهُما                     عَليَّ مِنَ الغَيثِ استَهَلَّتْمَواطِرُهْ
          وعلى كلٍّ: فـ{أي} شرطيةٌ، مفعولٌ مقدَّمٌ لـ{قضَيتُ} وقُرئَ: ▬فلا عِدوان↨ بكسر العين، ونسَبَها في ((الكشاف)) لابنِ قُطيبٍ.
          ({وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ}) أي: من المشارَطةِ التي جرَتْ بيننا ({وَكِيلٌ}) الجارُّ والمجرور متعلِّقٌ بـ{وَكِيْلٌ} خبرُ {اللهُ} المبتدأ، و{مَا} تحتمِلُ الموصوفةَ والموصولَ الاسميَّ والحرفيَّ، و{وَكِيْلٌ} بمعنى: حافظٍ أو شهيدٍ.
          وقال في ((الكشاف)): الوكيلُ: الذي وُكلَ إليه الأمرُ، ولمَّا استُعملَ في مَوضِعِ الشاهدِ والمهيمِنِ والمُغيثِ عُدِّيَ بـ{على}، انتهى.
          ونسبَ البغويُّ تفسيرَه بحفيظٍ لابنِ عبَّاسٍ ومقاتلٍ، ثم روى بسندِه عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ أنه قال: سألني يهوديٌّ من أهلِ الحيرةِ: أيَّ الأجلَين قضى موسى؟ قلتُ: لا أدري حتى أقدُمَ على حَبرِ العربِ فأسألَه، فقدِمتُ، فسألتُ ابنَ عبَّاسٍ، فقال: قضى أكثرَهما وأطيبَهما، إنَّ رسولَ الله صلعم إذا قال فعَلَ، ورُويَ عن أبي ذرٍّ مرفوعاً: ((إذا سُئلتَ: أيَّ الأجلَين قضى موسى؟ فقُلْ: خيرَهما وأبرَّهما، وإذا سُئلتَ: أيَّ المرأتَين تزوَّجَ؟ فقُلْ: الصُّغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت: يا أبتِ استأجِرْه)) فتزوَّجَ صُغراهما وقضى أَوفاهما، وقال وَهبٌ: أنكَحَه الكُبرى، انتهى.
          وقال ابنُ الملقِّن: ورويَ عن ابن عبَّاسٍ مرفوعاً قال: ((سألتُ جبريلَ: أيَّ الأجلَين قضى موسى؟ فقال: أتمَّهما وأكملَهما)).
          وقوله: (يَأْجُر) أي: المؤجِّرُ (فُلَانَاً...) إلخ، ثبتَ لأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ، وهو من كلامِ البُخاريِّ، تفسيرٌ لـ{تَأْجُرَنِي} في الآية، لكن ((يَأجُرُ)) هنا بمثناة تحتية، وفي الآية: بفوقية، والجيمُ مضمومةٌ فيهما، وفي بعض الأصول: بالفوقية للمخاطَبِ، مثلُ الآية (يُعْطِيهِ أَجْرَه) أي: أجرتَه، وفي أكثر الأصول: <أجراً> بالتنكير، وتعقَّبَ الإسماعيليُّ هذا التفسيرَ بأنَّ معنى: {تَأْجُرَنِي} في الآية: تكونُ لي أجيراً، أو معناه: تأجُرني نفسَك، وأُجيبَ بأنَّ أبا عبيدةَ في ((المجاز)) جزَمَ بهذا التفسير أيضاً، وذكرَه أهلُ التفسيرِ كـ((الكشاف)) والبيضاويِّ، وأهلُ الحديثِ كابنِ الأثير.
          فإنه قال في ((النهاية)) في حديثِ أمِّ سلمةَ: ((آجِرْني في مصيبتي، وأخلِفْ لي خيراً منها)) آجَرَه يأجُرُه: إذا أثابَه وأعطاه الأجرَ والجزاءَ، وكذلك: أجَرَه يأجُرُه، والأمرُ منهما: آجِرْني وأجُرْني، وقد تكرَّرَ في الحديث، انتهى.
          وقولُ المصنِّف: (وَمِنْهُ) أي: من أنَّ يأجُرُ بمعنى: يُعطيه (قَوْلُهُم فِي التَّعْزِيَةِ: آَجَرَكَ اللَّهُ) وسقط لفظُ: <قولُهم> في غالبِ الأصول، / وهذا أيضاً من قولِ أبي عُبيدةَ، وزاد: يأجُرُك؛ أي: يُثيبُك، قال في ((الفتح)): وكأنَّه نظر إلى أصلِ المادَّةِ، وإن كان المعنى في الأجرِ والأجرةِ مختلفاً، انتهى.
          ومقتضى كلام ((الفتح)) أنَّ ((آجرَكَ)) بمدِّ الهمزة، وبذلك صرَّحَ القسطلانيُّ تبعاً للزَّركشيِّ، فإنَّ الثانيَ قال: يريدُ البخاريُّ أنَّ آجرتُ ممدودٌ، ولكن حُكي فيه القصرُ، ولا يحسُنُ منه الاستشهادُ بالتعزية؛ لأنَّ المعنى فيهما مختلِفٌ، وفُرِّقَ بين الأجرِ والأجرةِ.
          قال: وقال المطرِّزيُّ: ما كان من: فاعَلَ في معنى المعامَلةِ كالمشارَكةِ والمنازَعةِ لا يتعدَّى إلا إلى مفعولٍ واحدٍ، فإذا قلتَ: أجَّرَه الدارَ، فهو من: أفعَلَ لا غيرُ، وإذا قلتَ: أُجر الأَجْر كان موجَّهاً، انتهى ما في الزركشيِّ فاعرِفْه.
          فإنه أكثرُ فائدةً من كلامِ غيره، وتقدَّم أولَ التَّرجمةِ بيانُ وجه المطابقةِ والآيةِ، لكن قال الكرمانيُّ: فإن قلتَ: ما الفائدةُ في عقدِ هذا البابِ؛ إذ لم يذكُرْ فيه حديثاً؟ قلتُ: البخاريُّ كثيراً يقصدُ بتراجِمِ الأبوابِ بيانَ المسائلِ الفقهيَّة، فأراد هنا بيانَ جوازِ مثل هذه الإجارةِ، واستدلَّ عليه بالآية، انتهى.
          وأقول: قد يجابُ أيضاً بأنه وضعَ التَّرجمةَ ليذكُرَ فيها حديثاً، فلم يجِدْه على شَرطِه، كما مرَّ وسيأتي غيرَ مرَّةٍ، فتدبَّر.