الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الأجير في الغزو

          ░5▒ (بابُ الأَجِيرِ) أي: بيان حُكمِ استئجارِه (فِي الْغَزْوِ) أي: للكفَّارِ، قال ابنُ بطَّالٍ: استِئجارُ الأجيرِ للخدمةِ، وكفايةِ مؤنة العملِ في الغزوِ وغيره سواءٌ، انتهى.
          وقال غيرُه: ويحتملُ أن يكون أشارَ إلى أنَّ الجهادَ وإن كان القصدُ به تحصيلَ الأجرِ، فلا يُنافي ذلك الاستعانةَ بمَنْ يخدُمُ المجاهِدَ ويَكفيه كثيراً من الأمور، خصوصاً لمن لا يقدِرُ على أن يتعاطاها بنفسِه.
          ثم قال ابنُ بطَّالٍ نقلاً عن المهلَّبِ وغيرِه: وأمَّا القتالُ فلا يُستأجرُ عليه؛ لأنَّ على كلِّ مسلمٍ أن يقاتِلَ حتى تكون كلمةُ الله هي العليا، وقال غيرُه: وإنَّما ذكرَ هذا البابَ لأنَّ عملَ الجهادَ كلَّه برٌّ، ومن أهلِ العلمِ من كَرِهَ أن يؤجِّرَ المرءُ نفسَه في شيءٍ من أعمال البرِّ، لكنَّه لما كان الجهادُ فرضَ كفايةٍ ولم يتعيَّن، جازُ للرجلِ أن يؤاجِرَ نفسه في سببٍ منه أو مما يتعلَّقُ به، انتهى.
          وكأنَّ المصنِّفَ يرى الجوازَ، فأشارَ للردِّ على من كرِهَ ذلك، فافهم.
          ومذهبُ الشافعيَّةِ إلى أنه لا يصِحُّ استئجارُ المسلمِ للجهاد، سواءٌ استأجره الإمامُ أو غيره.