الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الركعة الأولى في الكسوف أطول

          ░18▒ (بَابٌ: الرَّكْعَةُ الأُولَى فِي الْكُسُوفِ أَطْوَلُ) أي: من الثَّانية، وهي أطولُ من الثَّالثة، وهي أطول من الرابعة، ويجوز في: ((باب)) التنوين وعدمه، وعليهما يتفرَّع رفع: ((الركعة)) وجرَّها، وكذا نصب: ((أطول)) ورفعه، فافهم.
          وللحمويِّ والكشميهنيِّ: <باب: الركعة في الكسوف تطول> كذا في القسطلانيِّ.
          لكن الذي في ((الفتح)) عزوُ الأولى للحمويِّ والكشميهنيِّ، ولم يتعرَّض لغيرهما ثمَّ قال: ووقع بدله للمستمليِّ: <باب صب المرأة على رأسها الماء إذا أطال الإمام القيام في الركعة الأولى>، قال ابن رشيد: وقعَ في هذا الموضع تخليطٌ من الرُّواة، وحديث عائشة المذكور مطابقٌ للتَّرجمة الأولى قطعاً، وأمَّا الثانية فحقُّها أن تذكر في موضعٍ آخر، وكأنَّ المصنِّف ترجم بها، وأخلى بياضاً ليذكُر لها حديثاً أو طريقاً كما جرت عادته، فلم يحصُلْ غرضُهُ، فضمَّ بعض الكتاب إلى بعض، فنشأ هذا، والأليقُ بها: حديث أسماء المذكور قبل سبعة أبوابٍ فهو نصٌّ فيه، انتهى.
          ويؤيِّد ما ذكره: ما وقع في رواية أبي عليِّ بن شبويه عن الفربريِّ؛ فإنَّه ذكر: <باب صب المرأة> أولاً، وقال في الحاشية: ليس فيه حديث، ثمَّ ذكر: <باب: الركعة الأولى أطول> وأوردَ فيه حديث عائشة، وكذا صنع الإسماعيليُّ في ((مستخرجه))، / فعلى هذا: فالذي وقع من صنيع شيوخ أبي ذرٍّ من اقتصار بعضهم على إحدى التَّرجمتين ليس بجيِّدٍ، أمَّا من اقتصر على الأولى _وهو المستمليُّ_ فخطأٌ محضٌ، إذ لا تعلُّقَ لها بحديث عائشة، وأمَّا الآخران، فمن حيث أنَّهما حذفا التَّرجمة أصلاً، وكأنَّهما استشكلاها فحذفاها، ولهذا حُذِفت من رواية كريمة أيضاً عن الكُشميهنيِّ، وكذا من رواية الأكثر، انتهى.
          والعجبُ أنَّ القسطلانيَّ ذكر ما نقلناه عنه أولاً، ثمَّ قال: ووقع في رواية المستمليِّ: <باب صب المرأة على رأسها الماء إذا أطال الإمام القيام في الركعة الأولى>، بدلَ قوله: <باب: الركعة الأولى في الكسوف أطول> الثابت في رواية الكُشميهنيِّ والحمويِّ، انتهى.
          ورأيت في نسخةٍ إفراد التَّرجمة الأولى ببابٍ من غير حديثٍ، وعقبها بـ((باب صب المرأة على رأسها الماء إذا أطال الإمام القيام في الركعة الأولى)) لكنَّ الحديثَ المذكور في الباب إنَّما يناسب الأولى إلَّا أن يكون في الحديث اختصارٌ، ويكون في المحذوف ما يناسب الثَّانية من صبِّ الماء على الرَّأس، فتدبَّر.