الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف

          ░3▒ (بَابُ النِّدَاءِ بـ((الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ)) فِي الْكُسُوفِ) يجوز في ((باب)) تنوينه فعليه: النِّداء مبتدأ وخبره ((بالصَّلاة))، أو ((في الكسوفِ))، فتدبَّر. بنصب: ((الصَّلاة جامعةٌ)) على الحكاية، أو برفعهمَا عليها، وحرف الجر عليهما عاملٌ في المحلِّ، أو عاملٌ في قول محذوف عامل فيهما، ورفعهما على الابتداء والخبر، والجملةُ: مقول القولِ المحذوف المجرور بالباء، ونصب ((الصَّلاة)) في الأصلِ على الإغراء و((جامعةٌ)): على الحالِ؛ أي: احضروا الصَّلاة حالَ كونها جامعةٌ لكونها تجمع النَّاس.
          وقال في ((الفتح)): وقيل: برفعهمَا على أن ((الصَّلاة)) مبتدأ، و((جامعةٌ)): خبرها، ومعناه: ذات جماعةٍ، وقيل: ((جامعةٌ)): صفة، والخبر محذوف تقديره: فاحضروهَا. انتهى.
          واعترضه العينيُّ: بأنَّه لا يصحُّ؛ لأن ((الصَّلاة)) معرفة، و((جامعةٌ)) نكرة، فلا تقع صفةٌ للمعرفةِ، واعترضه أيضاً في قوله: احضروا الصَّلاة في حالِ كونها جامعةٌ فقال: لا يصحُّ؛ لأن الصَّلاة ليست بجامعةٍ، وإنَّما هي: جامعةٌ للجماعةِ، فيقدَّر: احضروا الصَّلاة حالَ كونها جامعةٌ للجماعةِ، وهو من الأحوالِ المقدرَّة. انتهى، فتأمَّل هذا الاعتراض.
          لكن في بعض نسخِ ((الفتح)): احضروا الصَّلاة في حالِ كونها جماعةٌ، فينافي الاعتراضَ بأن يقال: لأنَّ الصَّلاة ليست بجماعةٍ، كما يدلُّ له آخر الكلامِ، فتدبَّر.
          نعم الاعتراضُ الأوَّل متوجَّه إلا أن يتكلَّف، ويقال: أراد بالصِّفة البدل، وهو بعيدٌ جداً، فتدبَّر. ويجوز نصبُ الأوَّل على الإغراءِ، ورفع الثَّاني على أنَّه خبر لمحذوفٍ، ويجوز العكس.