-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب كيف كان بدء الحيض
-
باب الأمر للنفساء
-
باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله
-
باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض
-
باب من سمى النفاس حيضًا
-
باب مباشرة الحائض
- باب ترك الحائض الصوم
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت
-
باب الاستحاضة
-
باب غسل دم المحيض
-
باب الاعتكاف للمستحاضة
-
باب: هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟
-
باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض
-
باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض
-
باب غسل المحيض
-
باب امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض
-
باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض
-
باب: {مخلقة وغير مخلقة}
-
باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة
-
باب إقبال المحيض وإدباره
-
باب لا تقضي الحائض الصلاة
-
باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها
-
باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر
-
باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى
-
باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض
-
باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض
-
باب عرق الاستحاضة
-
باب المرأة تحيض بعد الإفاضة
-
باب إذا رأت المستحاضة الطهر
-
باب الصلاة على النفساء وسنتها
-
باب
-
باب كيف كان بدء الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
304- (حَدَّثَنَا / سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن الحكم بفتح الحاء والكاف ابن محمد بن سالم، المعروف بابن أبي مريم الجمحي، أبو محمد المصري، وقد مر في باب: من سمع شيئاً من كتاب العلم [خ¦103] (قَالَ: أَخْبَرَنَا) وفي رواية: <حدثنا> (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) هو ابن أبي كثير الأنصاري.
(قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ) بلفظ الماضي من الإفعال أبو أسامة المدني، وسقط في رواية لفظ: <هو ابن أسلم>وقد مر في باب: كفران العشير [خ¦29] (عَنْ عِيَاضِ) بكسر المهملة وتخفيف الياء التحتانية وبالضاد المعجمة (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بن أبي سَرْح، بفتح المهملة وسكون الراء وبالمهملة، العامري، مات بمكة (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) ☺، وقد تقدم في باب: من الدين الفرار من الفتن [خ¦19].
ورجال هذا الإسناد مدنيون ما خلا ابن أبي مريم، فإنه مصري، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وقد أخرج متنه المؤلِّف في الطهارة [خ¦304]، والصوم [خ¦1951]، والزكاة مقطعاً [خ¦1462]، وفي العيدين بطوله [خ¦956]، وأخرجه مسلم في الإيمان، والنسائي في الصلاة، وابن ماجه أيضاً.
(قَالَ) أي: أنه قال (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم ) إما من بيته، أو من مسجده (فِي أَضْحًى) أي: في يوم أَضْحى، بفتح الهمزة وسكون الضاد، جمع: أضحاة، وهو منصرف.
قال الخطابي: الأضحية: شاة تذبح يوم الأضحى، فيها أربع لغات: أُضحية وإِضْحية، بضم الهمزة وكسرها، وضَحية وأَضحاة، والجمع: أضحى، وبها سمي يوم الأضحى، والأضحى: يذكر ويؤنث، وقيل: سميت بذلك ؛ لأنها تفعل في الضحى، وهو ارتفاع النهار.
(أَوْ) في يوم (فِطْرٍ) والشك من الراوي (إِلَى الْمُصَلَّى) وهو موضع صلاة العيد في الجنابة، اختصره المؤلِّف هنا، وقد ساقه في كتاب الزكاة تاماً ولفظه: ((إلى المصلى فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة، فقال: أيها الناس تصدقوا)).
(فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ) وقد كان وعدهن أن يفردهن بالموعظة كما تقدم في كتاب «العلم» [خ¦101] من وجه آخر عن أبي سعيد فأنجزه ذلك اليوم (فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ) المعشر: الجماعة متخالطين كانوا أو غير ذلك.
قال الأزهري: أخبرني المنذري، عن أحمد بن يحيى، قال: المعشر والنفر والقوم والرهط هؤلاء معناهم: الجمع، لا واحد لهم من لفظهم للرجال دون النساء.
وعن الليث: المعشر: كل جماعة أمرهم واحد، وهذا هو الظاهر، وقول أحمد بن يحيى: مخصوص بالرجال يردُّه هذا الحديث، إلا إن كان مرادُه التخصيص بهم حال إطلاق المعشر، لا حال تقييده كما في الحديث، ويُجْمَعُ على معاشر. /
(تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ) بضم الهمزة وكسر الراء على صيغة المجهول، والمعنى: أراني الله إياكن في ليلة الإسراء (أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ) بنصب أكثر على أنه مفعول ثالث لقوله: أريت، وكن مفعوله الثاني والتاء مفعوله الأول الذي ناب عن الفاعل، وفي رواية ابن عباس ☻ بلفظ: ((أُرِيتُ النارَ فرأيت أكثرَ أهلها النساء))، وما ورد في الحديث أنه قال ◙: ((لكل رجل زوجتان من الآدميين))، فلعله بعد ورود الشفاعة.
(فَقُلْنَ) وفي رواية: <قلن> (وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) قال الحافظ العسقلاني: الواو استئنافية، والباء تعليلية، والميم أصلها ما استفهامية، فحذفت منها الألف تخفيفاً.
وقال محمود العيني: الواو للعطف على مقدَّر، تقديره: ما ذنبنا، وبم: والباء للسببية، وكلمة ما استفهامية، ويجب حذف ألفها إذا جُرَّت، وإبقاء الفتحة دليلٌ عليها، ونحوه إلامَ، وعَلام، وعلة حذف الألف: الفرق بين الاستفهام والخبر، وأما قراءة عكرمة وعيسى: ((عما يَتَسَاءَلُونَ فشاذة.))
(قَالَ) صلعم (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ) في مقام التعليل، وكأنَّ المعنى: لأنكن تكثرن اللعن من الإكثار، واللعن في اللغة: الطرد والإبعاد من الخير، واللعنة: الاسم، ومعناه: أنكن تلفظن باللعنة كثيراً، وهو متفق على تحريم الدعاء به على من لا يُعرَفُ خاتمة أمره بالقطع، أما من عُرف خاتمة أمره بنصٍّ، فيجوز كأبي جهل.
نعم، لعن صاحب وصف بلا تعيين كالظالمين والكافرين جائز، ذكره القسطلاني.
(وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) من الكفر، وهو الستر، وكفران النعمة وكفرها: سترها بترك أداء شكرها، والمراد: تجحدن نعمة الخليط ؛ أي: الزوج؛ سمي عشيراً ؛ لمعاشرته إياها، وتستقللن ما كان منه، أو أعم من ذلك، قيل: العشير الخليط، والعشير: الصديق والزوج وابن العم.
وقال ابن التَّياني في ((الموعب)): عشيرك الذي يعاشرك وأمركما واحد، لا يكادون يقولون في جمعه: عشراء، ولكن هم مُعَاشِروك وعَشِيْرك، وقال بعضهم: هم عُشَراؤك.
وقال الفراء: يجمع العشير على عُشَراء مثل جليس على جُلَساء، وإن العرب لتكرهه كراهة أن يُشاكِل قولهَم: ناقة عُشَراء.
(مَا رَأَيْتُ) أحداً (مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ) العقل في اللغة: ضد الحمق، وعن الأصمعي: هو مصدر، عَقَل الإنسان يعقِل، وعن ابن دريد: اشتق من عقال الناقة ؛ لأنه يعقل صاحبه عن الجهل ؛ أي: يحبسه، ولهذا قيل: عَقَل الدواءُ بطنَه ؛ أي: أمسكه، / وقال ابن الأنباري: العاقل: الجامع لأمره ورأيه.
وفي ((تهذيب الأزهري)): (العاقل الذي يحبس نفسه، ويردُّها عن هواها، أُخذ من قولهم: اعتُقِلَ لسانُه إذا حُبِسَ ومُنِعَ من الكلام).
وقال أبو علي: العَقْل والحِجى والنُّهى كلها متقاربة المعاني.
وعن الأصمعي: (هو الإمساك عن القبيح، وقَصْر النَّفْس وحبْسُها على الحسن، وهو الحِلمُ واللُّبُّ، والحِجْر والطعم (1)، والمحْت والمرْجح، والجزْل الجخيف (2)، والذهن والحَصَاة، وجمعه: عقول).
وقال القزاز: مسكنه عند قوم في الدماغ، وعند آخرين في القلب.
وقال محمود العيني: (الأول قول أبي حنيفة، والثاني قول الشافعي)، وقيل: مسكنه الدماغ، وتدبيره في القلب، وعن هذا قالوا: العقل جوهرٌ خلقه الله في الدِّماغ، وجعل نوره في العقل، يدرك به المغيبات بالوسائط، والمحسوسات بالمشاهدة.
وعند الشيح أبي الحسن: هو العلم ببعض الضروريات الذي هو مناط التكليف، وقد يُطْلَق على معانٍ متعدِّدة، وليس المقام موضع تحقيقه، وحكى ابن التين عن بعضهم: أن المراد من العقل في الحديث: الدية ؛ لأن ديتها على النصف من دية الرجل، لكن ظاهَر الحديث يأباه.
(وَدِينٍ أَذْهَبَ) بالنصب على أنه مفعول ثان لرأيت، وهو أفعل التفضيل من الإذهاب على مذهب سيبويه، حيث جوز بناء أفعل التفضيل من المزيد فيه، وكأن القياس فيه أشد إذهاباً (لِلُبِّ الرَّجُلِ) واللُّب، بضم اللام، أخص من العقل، إذ هو العقل الخالص من شوائب الوهم، سمي به ؛ لكونه خالص ما في الإنسان من قواه، وكلُّ لبٍّ عقْلٌ من غير عكس.
(الْحَازِمِ) من الحزم، بالحاء المهملة وبالزاي: ضَبْطُ الرجل أمره، وقال أكثم بن صيفي: الحزم سوءُ الظنِّ بالناس، وقد ترجمه صاحب المثنوي بقوله:
حزم آن باشدكه ظن بدبري تاكريزي وشوي ازبد بري (3)
وهذه مبالغة في وصفهن بذلك ؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن، فغير الضابط لأمره أولى.
(مِنْ إِحْدَاكُنَّ) متعلِّق بأفعل التفضيل، وقال الطِّيْبي: هذا الجواب من الأسلوب الحكيم ؛ لأن قوله: ما رأيت...إلى آخره زيادة، فإن قوله: ((تكثرن اللعن وتكفرن العشير)) جواب تام، فكأنه من باب الاستتباع، إذ الذم بالنقصان استتبع أمراً آخر غريباً، وهو كون الرجل الحازم الكامل منقاداً للنساء / الناقصات عقلاً وديناً.
وقال الحافظ العسقلاني: (وفيه نظر، والذي يظهر لي أن ذلك من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار ؛ لأنهن إذا كن سبباً لإذهاب عقل الرجل الحازم، حتى يفعل أو يقول ما لا ينبغي، فقد شاركنه في الإثم وزدن عليه).
(قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) استفسار منهن عن وجه نقصان دينهن وعقلهن، وذلك لأنه خَفِيَ عليهن ذلك فاستَفْسَرْن.
وقال الحافظ العسقلاني: ونفس هذا السؤال دالٌّ على النقصان ؛ لأنهن سَلَّمْنَ ما نسب إليهن من الأمور الثلاثة: الإكثار من اللعن، وكفران العشير، والإذهاب، ثمَّ استشكلن كونهن ناقصات.
هذا، وفيه أنهن بعد أن سلَّمن هذه الأمور الثلاثة لا يكون عليهن إشكال، ولكن لما خَفِيَ سبب نقصان دينهن وعقلهن سألن عن ذلك سؤالَ استفسار، وبينَّ صلعم ما خَفِيَ عليهن من ذلك، وما ألطفَ ما أجابهن به صلعم من غير تعنيفٍ ولا لومٍ، حيث خاطبهن على قدْر عقْلِهِنَّ وفَهْمِهِنَّ، فإنه صلعم أمر أن يُخاطب الناسُ على قدْر عقولهم فقال:
(أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ) أشار بذلك إلى قوله تعالى: {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:282] ؛ لأن الاستظهار بأخرى مُؤذِنٌ بقلِّة ضبطها، وهو مشعر بنقصان عقلها، وإنما لم يقل أليس شهادة المرأتين مثل شهادة الرجل تنصيصاً على النقصان، فافهم.
(قُلْنَ: بَلَى، قَالَ) صلعم (فَذَلِكَ) بكسر الكاف خطاباً للواحدة التي تولت خطابه صلعم ، أو الخطاب لغير معين من النساء ليعم الخطاب كلاً منهن على سبيل البدل؛ إشارةً إلى أن حالهن في النقص تناهت في الظهور إلى حيث يمتنع خفاؤها، فلا تختص بها واحدة دون واحدة، فلا تختص حينئذ بهذا الخطاب مخاطبة دون مخاطبة على ما قاله في ((المصابيح)).
ويجوز فتح الكاف على أنه للخطاب العام، ويستنبط من ذلك أنه ينبغي أن لا يواجه بذلك شخص معين، كأنَّ في شمول العام تسليةً وتسهيلاً.
(مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا) ثمَّ قال صلعم : (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ) لما بها من مانع الحيض (قُلْنَ: بَلَى) وفيه إشعار بأن منع الحائض من الصلاة والصوم كان ثابتاً بحكم الشرع قبل ذلك المجلس.
(قَالَ) صلعم (فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) قيل: وهذا العموم فيهن يعارضه / قوله صلعم : ((كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكْمُل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم)).
وفي رواية الترمذي وأحمد من (4) أنس ☺ قال: قال رسول الله صلعم : ((حسبك من نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد)).
وأجيب: بأن بعض الأفراد خرج عن ذلك ؛ لأنه نادر قليل، والجواب السديد في ذلك: هو أن الحكم على الكل بشيء لا يستلزم الحكم على كل فردٍ من أفراده بذلك الشيء.
هذا وقال النووي: (ووصف النساء بنقصان الدين ؛ لترك الصلاة والصوم قد يستشكل معناه، وليس بمشكل، فإن الدين والإسلام والإيمان مشترك في معنى واحد، فمن كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه).
وتعقَّبه محمود العيني: (بأن دعواه الاشتراك غيرُ مسلمة؛ لأن بينها فرقاً، لغة وشرعاً، وقوله: «زاد إيمانه أو نقص» ليس راجعاً إلى الذات، بل إلى الصفة كما تقرر في موضعه). انتهى.
وقال النووي أيضاً: ونقص الدين ليس منحصراً فيما يحصل به الإثم، إذ هو قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة بلا عذر، وقد يكون على وجه لا يأثم به كمن ترك الجمعة بعذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به كترك الحائض الصلاة والصوم، ومع ذلك هي ناقصة عن المصلي.
وأما هل تثاب على ترك الصلاة زمن الحيض وإن كانت لا تقضيها كما يثاب المريض ويُكتب له في مرضه مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته؟ فالظاهر من هذا الحديث: أنها لا تثاب، والفرق أن المريض كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة في مدة الحيض، وكيف لا وهي حرام عليها؟. هذا، وقال محمود العيني: (ينبغي أن يثاب على ترك الحرام)، وبه أقول.
وفي الحديث فوائد: منها: استحباب خروج الإمام مع القوم إلى المصلى في الجبَّانة في يوم العيد لأجل صلاة العيد، ولم يزل الصدر الأول كانوا يفعلون ذلك، ثمَّ تركه أكثرهم ؛ لكثرة الجوامع، ومنها: الحث على الصدقة ؛ لأنها من أفعال الخيرات والمبرات، / فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولاسيما في مثل يومي العيد ؛ لاجتماع الأغنياء والفقراء، وتحسُّر الفقراء عند رؤيتهم الأغنياء وعليهم الثياب الفاخرة، ولاسيما الأيتام الفقراء والأرامل الفقيرات، فإن الصدقة عليهم في مثل هذا اليوم مما يُقَلِّل تحسرهم وهمهم.
وأما تخصيصه صلعم النساء في ذلك اليوم حيث أمرهن بالصدقة، فلغلبة البخل عليهن، وقلة معرفتهن بثواب الصدقة، وما يترتب عليها من الحسن والفضل في الدنيا قبل يوم الآخرة، كذا قيل، وفيه: أنه إنما يتم هذا إذا تحقق تخصيص الأمر بالتصدق بهن، وقد عرفت أنه ◙ وعظ الناس وأمرهم بالتصدق، فمر على النساء فخاطبهن.
ومنها جواز خروج النساء أيام العيد إلى المصلى للصلاة مع الناس، وقال العلماء: كان هذا في زمنه صلعم ، وأما اليوم فلا تخرج الشابة ذات الهيئة، ولهذا قالت عائشة ♦: «لو رأى رسول الله صلعم ما أحدث النساء بعده ؛ لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل».
قال محمود العيني: وهذا الكلام من عائشة ♦ بعد زمن يسير جداً بعد النبي صلعم ، وأما اليوم فنعوذ بالله من ذلك، فلا يرخص خروجهن مطلقاً للعيد وغيره، ولاسيما نساء مصر على ما لا يخفى.
وفي ((التوضيح)): رأى جماعة ذلك حقاً عليهن؛ يعني: خروجهن للعيد، منهم أبو بكر، وعلي، وابن عمر، وغيرهم ♥ ، ومنهم مَنْ منعهن ذلك منهم عروة والقاسم ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك وأبو يوسف، واختاره أبو حنيفة مرة، ومنعه أخرى، ومنع بعضُهم في الشابة دون غيرها وهو مذهب مالك وأبي يوسف.
وقال الطحاوي: كان الأمر بخروجهن أول الإسلام ؛ لتكثير المسلمين في أعين العدو، قيل: وكان ذلك لوجود الأمن أيضاً، واليوم قلَّ الأمن، وكثر المسلمون.
ومذهب أصحابنا في هذا الباب ما ذكره صاحب ((البدائع)): أجمعوا على أنه لا يرخَّص للشابة الخروج في العيدين والجمعة، وشيء من الصلوات ؛ لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] ولأن خروجهن سببٌ للفتنة، وأما العجائز فيرخص لهن الخروج في العيدين، ولا خلاف أن الأفضل أن لا يخرجن في صلاة، فإذا خرجن يصلين صلاة العيد في رواية أبي الحسن عن أبي حنيفة، وفي رواية أبي يوسف / عنه: لا يصلين بل يكثرن سواد المسلمين وينتفعن بدعائهم.
وفي حديث أم عطية قالت: «كان رسول الله صلعم يخرج العواتق ذوات الخدور والحيَّض في العيد، فأما الحيَّض: فيعتزلن المصلى، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين» أخرجه البخاري ومسلم، وقال ◙: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) أخرجاه، وفي رواية أبي داود: ((وليخرجن تَفِلات غير عطرات))، والعواتق: جمع: عاتق، وهي البنت التي بلغت، وقيل: التي لم تتزوج، والخدور: جمع خدر وهو الستر.
وفي ((شرح المهذب)) للنووي: يكره للشابة ومن تشتهى الحضورُ؛ لخوف الفتنة عليهن وبهن، ومنها جواز عظة النساء على حدة، وهذا للإمام، فإن لم يكن فلنائبه، ومنها الإشارة إلى الإغلاظ في النصح بما يكون سبباً لإزالة الصفة التي تعاب، أو الذنب الذي يتصف به الإنسان، ومنها أن الصدقة تدفع العذاب، وأنها تكفر الذنوب، ومنها أن جحد النعم حرام، وكفران النعمة مذموم، ومنها أن استعمال الكلام القبيح كاللعن والشتم حرام، وأنه من المعاصي، فإن داوم عليه صار كبيرة.
واستدل النووي على أن اللعن والشتم من الكبائر بالتوعد عليهما بالنار، ومنها ذم الدعاء باللعن ؛ لأنه دعاء بالإبعاد من رحمة الله تعالى، قالوا: إنه محمول على ما إذا كان في معين، ومنها إطلاق الكفر على الذنوب التي لا تُخْرِجُ عن الملة تغليظاً على فاعلها، ومنها مراجعة المتعلم لمعلِّمه والتابع لمتبوعه فيما لا يظهر معناه، ومنها أن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، ومنها ما قاله الخطابي من أن النَّقص من الطاعات نقص من الدين، هذا ولا ينقص من نفس الدين شيء، وإنما النقص والزيادة يرجعان إلى الكمال، ومنها أن ملاك الشهادة العقل.
ومنها أن الحائض يسقط عنها فرض الصوم والصلاة، ومنها بيان ما كان النبي صلعم عليه من الخلق العظيم، والصفح الجميل، والرأفة والرحمة على أمته، عليه أفضل الصلوات وأكمل التسليمات.
[1] كذا في الأصل و(خ)، ولعل الصواب: ((والعظم)).
[2] كذا في الأصل و(خ)، ولعل صوابهما: ((والجول، والخوف)).
[3] معناه ما يروى: سوء الظن عصمة.
[4] كذا في الأصل و(خ).