نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا أعتق عبدًا بين اثنين أو أمة بين الشركاء

          ░4▒ (بابٌ) بالتنوين (إِذَا أَعْتَقَ) شخص (عَبْداً) كائناً (بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ) أعتق شخصٌ (أَمَةً بَيْنَ الشُّرَكَاءِ) وإنَّما خصَّ العبد بكونه بين الاثنين، والأمة بكونها بين الشُّركاء مع أنَّه لا تفاوت في الحكم بين كون العبد بين الاثنين، وكونه بين الشُّركاء كالأمة للمحافظة على لفظ الحديث في كلٍّ منهما.
          وقوله: «بين اثنين»، ليس إلَّا على سبيل التَّمثيل إذ الحكم كذلك فيما بين الثَّلاثة والأربعة وهلم جرَّا.
          وقال ابن التِّين: أراد أنَّ العبد كالأمة لاشتراكهما في الرِّق، قال: وقد بيَّن في حديث ابن عمر ☻ في آخر الباب [خ¦2525] أنَّه كان يفتي فيهما بذلك. انتهى.
          قال الحافظُ العسقلاني: أشار إلى ردِّ قول إسحاق بنِ راهويه أنَّ هذا الحكم مختصٌّ بالذكور وهو خطأ. وادَّعى ابنُ حزم أنَّ لفظ «العبد» في اللُّغة يتناولُ الأَمَةَ، وفيه نظر، ولعلَّه أراد المملوك.
          وقال القرطبيُّ: «العبدُ» اسم للمملوك الذَّكر بأصل وضعه، و«الأَمة» اسم / لمؤنثه من غير لفظه. ومن ثمَّة قال إسحاق: إنَّ هذا الحكم لا يتناول الأنثى، وخالفَه الجمهور فلم يفرِّقوا في الحكم بين الذَّكر والأنثى إمَّا لأنَّ لفظ «العبد» يُراد به الجنس، كقوله تعالى: {إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم:93] فإنه يتناول الذَّكر والأنثى قطعاً، وإمَّا على طريق الإلحاق لعدم الفارق.