نجاح القاري لصحيح البخاري

باب أوقاف أصحاب النبي وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم

          ░14▒ (بابُ) حكم (أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم وَ) بيان (أَرْضِ الْخَرَاجِ وَ) بيان (مُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ) قال ابن بَطَّال: معنى هذه التَّرجمة أنَّ الصَّحابة ♥ كانوا يزرعون أوقاف النَّبي صلعم بعد وفاته على ما كان عامل عليه يهود خيبرَ.
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم لِعُمَرَ) ☺ (تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ) هذه العبارة كنايةٌ عن الوقف ولفظ: ((تصدَّق)) أمر (لاَ يُبَاعُ وَلَكِنْ يُنْفَقُ) على صيغة المجهول (ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ) أي: عمر ☺، والضَّمير يرجع إلى المال المذكور في الحديث الذي ذكر البخاريُّ طرفاً منه على سبيل التَّعليق.
          وقد أخرجه البخاريُّ في كتاب «الوصايا»، في باب قول الله ╡: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء:6] الآية [خ¦2764]، فقال: حدَّثنا هارون: حدَّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: حدَّثنا صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر ☻ : أن َّعمر ☺ تصدَّق بمالٍ له على عهد رسول الله صلعم ، وكان يقال له: ثَمْغ وكان نخلاً، فقال عمر: يا رسول الله إنِّي استفدت مالاً وهو عندي نفيسٌ فأردت أن أتصدَّق به، فقال النَّبي صلعم : ((تصدَّق بأصله لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث، ولكن يُنفق ثمره)) فتصدَّق به عمر ☺ فصدَقتُه تلك في سيبل الله، وفي الرِّقاب، والمساكين، والضَّيف، وابن السَّبيل، ولذي القربى، ولا جناح على مَنْ وليه أن يأكلَ منه بالمعروف، أو يؤكل صديقه غير متموِّلٍ به [خ¦2764].
          ثمَّ قوله: ((ثَمْغ)) بفتح المثلثة وسكون الميم وفي آخره غين معجمة، وقال ابن الأثير: ثَمْغ وصَرُمة بن الأكَوْع مالان معروفان بالمدينة لعمر بن الخطَّاب ☺ فوقفهما.
          وفي «معجم البكري»: ثَمْغ موضعٌ تلقاء المدينة كان فيه مالٌ لعمر بن الخطَّاب ☺ / فخرج عنه يوماً ففاتته صلاة العصر، فقال: شغلتني ثمغ عن الصَّلاة أشهدكم أنَّها صدقةٌ.
          ومطابقته للصدر الأوَّل من التَّرجمة، وهي تظهر من قوله لعمر ☺ تصدَّق بأصله على ما لا يخفى.
          تتمَّة: وقال ابن التِّين: ذكر الدَّاودي أنَّ هذا اللَّفظ يعني: اللَّفظ الذي ذكره المؤلِّف على سبيل التَّعليق غير محفوظٍ، وإنَّما أمره أن يتصدَّق بثمره ويوقف أصله، انتهى.
          وهذا الذي ردَّه هو معنى ما ذكره، وقد وصل اللفظ الذي علَّقه هنا في كتاب «الوصايا» [خ¦2764] كما عرفت آنفاً.