نجاح القاري لصحيح البخاري

باب فضل من تعار من الليل فصلى

          ░21▒ (بابُ فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ) بفتح المثناة الفوقية والعين المهملة وبعد الألف راء مشددة؛ أي: استيقظَ وانتبه. وقال ابن سِيده: عرَّ الظَّليم يَعَرُّ عَرَاراً، وعارَّ معارَّة وعِراراً: صاح، والتعارُّ: السَّهر والتمطِّي والتقلُّب على الفراش ليلاً مع كلامٍ وصوتٍ.
          قال ابن التِّين: ظاهر الحديث أنَّ تعارَّ معناه: استيقظ؛ لأنَّه قال: «مَن تعارَّ فقال»، فعطف القول بالفاء على «تعارَّ». ويحتمل أن تكون الفاء تفسيريَّة لما يصوت به المستيقظ؛ لأنَّه قد يصوِّت بغير ذكر، فخصَّ الفضل المذكور في الحديث بمن صوَّت بما ذكر من ذكر الله تعالى.
          وهذا هو السرُّ في اختيار لفظ تعارَّ دون استيقظ أو انتبه، وإنَّما يتَّفق ذلك لمن تعوَّد الذكر، واستأنس به وغلب عليه حتَّى صار حديث نفسه في نومه ويقظتهِ، فأكرم من اتَّصف بذلك بإجابة دعوته وقبول صلاته.
          وقيل: تعارَّ تقلَّب في فراشه، ولا يكون إلَّا يقظةً مع كلام يرفع به صوته عند انتباهه وتمطِّيه. وقيل: الأنين عند التمطِّي مع الانتباه.
          وعن ثعلب: اختلف النَّاس في «تعارَّ» فقال قومٌ: انتبه، وقال قوم: تكلَّم، وقال قوم: تمطَّى وأنَّ، (مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى).