نجاح القاري لصحيح البخاري

باب تحريض النبي على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

          ░5▒ (بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلعم ) أمَّته والمؤمنين (عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ) وفي رواية: <على قيام اللَّيل> (وَالنَّوَافِلِ) جمع: نافلة، عطفٌ على صلاة اللَّيل من عطف العام على الخاصِّ، وعلى رواية: <قيام اللَّيل> يحتمل أن يكون المراد من قيام الليل: الصَّلاة فقط، فيكون من عطفِ العام على الخاص أيضاً، ويحتملُ أن يكون المراد منه أعمُّ من الصَّلاة والقراءة والذِّكر والشُّكر والتَّفكر في الملكوتِ العلوية والسفلية، فحينئذٍ يكون من عطف الخاص على العام.
          (مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ) قال ابنُ المُنيِّر: اشتملت التَّرجمة / على أمرين التَّحريض ونفيُ الإيجاب، فحديثُ أمِّ سلمة [خ¦1126] وعليٍّ [خ¦1127] ☻ للأوَّل وحديث عائشة ♦ [خ¦1128] للثاني.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: بل يؤخذ من الأحاديث الأربعة نفي الإيجاب، ويُؤخذ التَّحريض من حديثي عائشة ♦ من قولها: «كان يدع العمل وهو يحبُّه»؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ أحبَّه استلزم التَّحريض عليه لولا ما عارضه من خشية الافتراض، انتهى.
          وتعقَّبه العينيُّ بأنَّا لا نسلِّم أنَّ حديث أمِّ سلمة ☻ يدلُّ على نفي الإيجاب، بل ظاهره يُوهمُ الإيجاب على ما لا يخفى على المتأمِّل وظاهره التَّحريض أيضاً، ولا نسلِّم أيضاً استلزام المحبة التَّحريض، وكذلك ظاهر حديث عليٍّ ☺ يوهم الإيجاب بدليل قوله صلعم حين ولَّى: {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:54] وظاهره التَّحريض أيضاً.
          (وَطَرَقَ) من الطروق، وهو الإتيان بالليل؛ يعني: أتى (النَّبِيُّ صلعم فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا ☻ لَيْلَةً) ففي لفظ: ((طرق)) تجريدٌ، كما في قوله تعالى: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} [الإسراء:1] (لِلصَّلاَةِ) أي: للتَّحريض على القيام للصَّلاة.