نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما يقال إذا أمطرت

          ░23▒ (بابُ مَا) أي: الذي (يُقالُ) أو باب شيء يقال: فـ«ما» موصوفة، كما في قوله:
رُبَّما تَكْرهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْرِ                     لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقَالِ
          أي: رب شيء تكرهه النُّفوس، أو بابٌ بالتنوين، و«ما» استفهامية؛ أي: أيُّ شيء يقال.
          (إذَا أمْطَرَتْ) أي: السَّماء، وفي رواية: <مطرت> من الثُّلاثي المجرد، وهما بمعنى أو الأوَّل للشر، والثَّاني للخير. وقال الفراء: مَطَرَت السَّماء تَمْطُر مَطْراً ومَطَراً، فالمطْر بالإسكان المصدر، والمطَر بالفتح الاسم.
          (وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ) ☻ في تفسير قوله تعالى: أو ({كَصَيِّبٍ}) هو المطر، وإنَّما ذكر البخاري هذا لمناسبته لقوله صلعم : ((صيِّباً نافعاً)) [خ¦1032].
          قال في «الكشَّاف»: الصيِّب: المطر الذي يصوب؛ أي: ينزل ويقع، ويقال للسَّحاب أيضاً: صيِّب، وهذا تعليقٌ وصله أبو جعفر الطَّبري قال:حدَّثنا محمَّد بن المثنَّى، قال:حدَّثنا أبو صالح:حدَّثنا معاوية، عن علي، عن ابن عبَّاس ☻ قال: الصَّيِّب: المطر.
          وعن قتادة، وعطاء، ومجاهد، والرَّبيع بن أنس: الصيِّب: المطر. وقال عبد الرَّحمن بن زيد: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة:19] أي: أو كغيث من السَّماء.
          وفي «تفسير الضَّحاك»: الصيِّب: الرِّزق. وقال سفيان: الصيِّب: الذي فيه المطر.
          (وقالَ غَيْرُهُ) أي: غير ابن عبَّاس ☻ (صَابَ وَأَصَابَ يَصُوبُ) كأنَّه يشير به إلى أنَّ اشتقاقه من الأجوف الواوي، وأصله: صَيْوب، على وزن فيعل، فأُعلَّ فصار صيِّب، ولكن لا يقال: أصاب يصوب، وإنَّما يقال: صَابَ يَصُوب وأَصَاب يُصِيب، فكأنَّ النسَّاخ قدموا لفظة «أصاب» على لفظة «يصوب»، والأصل: صاب يصوب وأصاب، وأشار به إلى الثلاثي المجرَّد والمزيد فيه.