نجاح القاري لصحيح البخاري

باب دعاء النبي: اجعلها عليهم سنين كسني يوسف

          ░2▒ (باب دُعَاءِ النَّبِيِّ صلعم ) في القنوت على الكافرين بقوله: (اجْعَلْهَا) أي: اجعل تلك المدَّة التي تقع فيها الشدَّة المذكورة في قوله صلعم : ((اللَّهم اشدد وطأتك على مضر)) [خ¦804] [خ¦1006]، وهذا الضَّمير الأوَّل لقوله: «اجعل».
          وقوله: (سِنِينَ) بالنصب هو المفعول الثَّاني، وهو جمع سنَّة، وفيه شذوذان:
          أحدهما: تغيير مفرده من الفتحة إلى الكسرة.
          والآخر: كونه جمعاً لغير ذوي العقول. وحكمه أيضاً مخالف لسائر الجموع في أنَّه يجوز فيه ثلاثة أوجه:
          الأوَّل: أن يعربَ كإعراب مسلمين.
          والثَّاني: أن تُجعل نونه متعقب الإعراب منوناً.
          والثَّالث: أن يكون غير منون غير منصرف(1) .
          (كَسِنِي يُوسُفَ) بالإضافة إلى «يوسف»، ولذا سقطت نون الجمع، والمراد به ما وقع في زمان يوسف ╕ من القحط في السنين السَّبع كما وقع في القرآن. ثمَّ في هذه التَّرجمة روايات: إحداها هكذا. وفي رواية: <اجعلها عليهم سنين كسنِّي يوسف> بزيادة لفظ: «عليهم». وفي أخرى: <اجعلها كسنِّي يوسف> بإسقاط لفظ: «سنين».
          وأمَّا وجه إدخال هذه التَّرجمة في أبواب الاستسقاء فهو التَّنبيه على أنَّه كما شرع الدُّعاء في الاستسقاء للمؤمنين كذلك شرع الدُّعاء بالقحط على الكافرين؛ لأنَّ فيه إضعافهم، وهو نفع للمسلمين، فقد ظهر من ثمرة ذلك التجاؤهم إلى النَّبي صلعم ليدعو لهم برفع القحط.


[1] لقط العمدة: الثالث: أن يكون منوناً وغير منون منصرفاً وغير منصرف.