إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا إن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم

          6163- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) ابن ميمون أبو سعيدٍ المعروف بدُحَيْم ابن اليتيم قال: (حَدَّثَنَا الوَلِيدُ) بن مسلمٍ أبو العباس الدِّمشقيُّ (عَنِ الأَوْزَاعِيِّ) عبد الرَّحمن (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بنِ عوف (وَالضَّحَّاكِ) بن شرحبيل المِشْرَقيِّ _بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الراء بعدها قاف_ الهمْدانيِّ، ومِشْرَق بطنٌ من هَمْدان (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعدِ بن مالك (الخُدْرِيِّ) ☺ ، أنَّه (قَالَ: بَيْنَا) بغيرِ ميم (النَّبِيُّ صلعم يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قِسْمًا) بكسر القاف، مصحَّحًا عليه(1) في الفرع كأصله(2)، وسكون السين المهملة، وكان تبرًا(3) بعثه عليُّ بن أبي طالبٍ (فَقَالَ ذُو الخُوَيْصِرَةِ) بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وكسر الصاد المهملة مصغَّرًا، نافع أو حرقوصُ ابن زهير (رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ) في القسمة (قَالَ) صلعم : (وَيْلَكَ) دعاءٌ عليه (مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ فَقَالَ عُمَرُ) ☺ : يا رسول الله (ائْذَنْ لِي فَلِأَضْرِبْ عُنُقَهُ) بكسر اللام والجزم جوابُ الشرط، ولأبي ذرٍّ: ”فلأضربَ“ بالنَّصب، فالفاء سببيَّة ينصب بعدها المضارع (قَالَ) صلعم : (لَا) تضرب عنقهُ (إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا) يصومون النَّهار ويقومون اللَّيل (يَحْقِرُ) بفتح أوله وكسر القاف (أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ) يخرجون سريعًا (مِنَ الدِّينِ) الإسلاميِّ من غير حظٍّ ينالهم منه، أو المراد(4) بالدِّين الطَّاعة للإمام (كَمُرُوقِ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ) الصَّيد المرميِّ ولشدَّة(5) سُرْعة خروج السَّهم من الرَّميَّة لقوة ساعد الرَّامي لا يعلَق بالسَّهم من جسد الصَّيد شيءٌ (يُنْظَرُ) مبنيٌّ(6) للمفعول (إِلَى نَصْلِهِ) أي: إلى حديدهِ / (فَلَا‼ يُوجَدُ فِيهِ) أي: في النَّصل (شَيْءٌ) من دم الصَّيد ولا غيره (ثُمَّ) ولأبي ذرٍّ: ”و“ (يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وتشديد التحتية، وهي القدحُ، أي: عود السَّهم (فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ) من الدَّم ولا غيره (ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ) بضم القاف وفتح الذال الأولى(7)، ريشه (فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، سَبَقَ) ولأبي ذرٍّ: ”قد سبق“ أي: السَّهم (الفَرْثَ) بالفاء المفتوحة والراء الساكنة والمثلثة، ما يجتمعُ في الكرشِ (وَالدَّمَ) فلم يظهرْ أثرهما فيه، كما أنَّ هؤلاء لا يتعلَّقون من الإسلامِ بشيءٍ (يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ) بكسر الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها نون، و«فُرقة» بضم الفاء، أي: على زمانِ افتراق، ولأبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: ”على خَيرِ فرقةٍ“ بالخاء المعجمة المفتوحة وبعد التحتية الساكنة(8) راء، أي: أفضل فِرقةٍ _بكسر الفاء_ طائفةٍ (مِنَ النَّاسِ) عليِّ بن أبي طالبٍ وأصحابه (آيَتُهُمْ) بمدِّ الهمزة، علامتُهم (رَجُلٌ) اسمه نافعٌ، أو ذو الخويصرة (إِحْدَى يَدَيْهِ) بالتَّحتية أوله تثنيةُ يدٍ (مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ) بالمثلثة وسكون الدال المهملة (أَوْ) قال: (مِثْلُ البَضْعَةِ) بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة وفتح العين المهملة، القطعةُ من اللَّحم (تَدَرْدَرُ) بفتح الفوقية والدالين المهملتين بينهما راء ساكنة وآخره راء أيضًا، وأصلهُ تتدردرُ، فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا، أي: تتحرَّك.
          (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ) الخدريُّ _بالسَّند السَّابق_: (أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُ) أي: الحديثَ (مِنَ النَّبِيِّ صلعم ، وَأَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ) ☺ (حِينَ قَاتَلَهُمْ) بالنَّهروان بقربِ المدائن (فَالتُمِسَ) بضم الفوقية مبنيًّا للمفعول، أي: طلب الرَّجل المذكور (فِي القَتْلَى) فوجد (فَأُتِيَ بِهِ) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول إلى عليٍّ فإذا هو (عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ النَّبِيُّ صلعم ) أي: على الوصف الَّذي وصفه(9) به، والفرق بين الصِّفة والنَّعت أنَّ النَّعت يكون بالحليةِ كالطَّويل والقصيرِ، والصِّفة بالأفعال نحو ضاربٍ وخارج(10)، وحينئذٍ لا يقال: الله منعوتٌ بل يقال: موصوفٌ، وقيل‼: النَّعت ما كان لشيءٍ خاصٍّ كالعرجِ والعَمى والعور؛ لأنَّ ذلك يخصُّ موضعًا من الجسد، والصِّفة ما لم تكنْ لشيءٍ مخصوصٍ كالعظيمِ والكريم، فلذلك(11) قال أبو سعيدٍ هنا(12): على نعت النَّبيِّ صلعم ، فافهم فإنَّ فيه دقَّة. وقال الجوهريُّ والمجدُ الشِّيرازيُّ: الصِّفة كالعلم والسَّواد، وأمَّا النَّحويون فلا يريدون بالصِّفة هذا؛ لأنَّ الصِّفة عندهم هي النَّعت، والنَّعت هو اسمُ فاعل نحو ضارب، والمفعول نحو مضروب، وما يرجع إليهما من طريق المعنى.
          والحديثُ سبق في «علامات النُّبوَّة» [خ¦3610].


[1] في (ع): «عليها».
[2] «كأصله»: ليست في (ع).
[3] في (ع): «قبل».
[4] في (د): «والمراد».
[5] في (د): «وشدة»، وفي (ع): «كشدة».
[6] في (د): «مبنيًا».
[7] في (د): «وفتح المعجمة الأولى».
[8] «الساكنة»: ليست في (د).
[9] في (د): «وصف».
[10] في (ع) و(د): «جارح».
[11] في (ل): «ولذلك».
[12] «هنا»: ليست في (ص).