إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنت ألعب بالبنات عند النبي

          6130- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ بالإفراد (مُحَمَّدٌ) هو: ابنُ سلامٍ قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد ابن خَازِمٍ _بالخاء والزاي المعجمتين بينهما ألف آخره ميم_ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ) أي: بالتَّماثيل المسمَّاة بلعبِ البنات، وعند أبي عَوَانة من روايةِ جريرٍ، عن هشام كنتُ ألعبُ بالبنات وهنَّ اللُّعب. وعند أبي داود والنَّسائيِّ من وجهٍ آخر، عن عائشة ♦ قالتْ: قدمَ رسول الله صلعم من غزوةِ تبوكَ أو خيبر(1). فذكر الحديثَ في هتْكهِ السِّتر الَّذي نصبَه(2) على بابها، قالت: فكشف السِّتر على بناتٍ لعائشة لُعَبْ. فقال: «ما هذا يا عائشة؟» قالت: بناتي. قالت: ورأى فرسًا مربوطًا له جناحان. فقال: «ما هذا؟» قلت: فرسٌ. قال: «فرسٌ(3) له جناحان» قلت: ألم تسمعْ أنَّه كان لسليمان خيلٌ لها أجنحةٌ فضحكَ. فهذا صريحٌ في أنَّ المراد باللُّعب غير الآدميَّات، خلافًا لمن زعم أنَّ معنى الحديث: اللَّعب مع البنات، أي: الجوارِي، والباء هنا(4) بمعنى مع، واستدلَّ بالحديث على جواز اتِّخاذ اللُّعب من أجل لعبِ البنات بهنَّ، وخُصَّ ذلك من عموم النَّهي عن اتِّخاذ الصُّور، وبه جزم القاضي عياضٌ، ونقله عن الجمهورِ وأنَّهم أجازوا بيع اللُّعب للبناتِ / لتدريبهنَّ من صغرهنَّ على أمرِ‼ بيوتهنَّ وأولادهنَّ. قالت عائشة ♦ : (وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ) أي: جوارٍ من أقراني (يَلْعَبْنَ مَعِي) بهنَّ (فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا دَخَلَ) على الحجرةِ (يَتَقَمَّعْنَ) بتحتية وفوقية وقاف وميم مشددة وعين مهملة ساكنة، بوزن: يتفعَّلنَّ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي بإسقاط التحتية، وللكُشميهنيِّ _كما في «الفتح»_: ”ينْقمِعنَ“ بنون ساكنة بعد التحتية وكسر الميم، أي: يتغيَّبن (مِنْهُ) صلعم يدخلنَ وراء السِّتر، وأصلُه من قمعِ الثَّمرة، أي: يدخلنَ في السِّتر، كما تدخل الثَّمرة في قَمعها (فَيُسَرِّبُهُنَّ) بسين مهملة مفتوحة وراء مشددة مكسورة بعدها موحدة، أي: يبعثهنَّ ويرسلهنَّ (إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي).
          والحديثُ أخرجه مسلمٌ في «الفضائل».


[1] في كل الأصول: «حنين»، والتصحيح من مصادر التخريج والفتح.
[2] في (د): «نصبته»، كذا في «الفتح».
[3] «قال فرس»: ليست في (د).
[4] «هنا»: ليست في (د).