إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: عرفها سنةً ثم اعرف وكاءها وعفاصها

          6112- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: بالإفراد (مُحَمَّدٌ) هو: ابنُ سلام قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ) المدنيُّ الأنصاريُّ الزرقيُّ قال: (أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) فرُّوخُ مولى آل المُنكدر أبو عثمان، فقيهُ المدينة صاحب الرَّأي (عَنْ يَزِيدَ) من الزِّيادة (مَوْلَى المُنْبَعِثِ) بضم الميم وسكون النون وفتح الموحدة وكسر المهملة بعدها مثلَّثة، مدنيٌّ (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ) أبي عبد الرَّحمن‼، أو أبي زُرعة، أو أبي طلحة، شهد الحديبية ☺ (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ(1) صلعم ) الرَّجل هو: عميرٌ أبو مالكٍ، رواه الإسماعيليُّ وأبو موسى في «الذَّيل» من طريقه، وفي «الأوسط» للطبرانيِّ أنَّه زيد بن خالدٍ الجهنيِّ. وفي رواية سفيان الثَّوريِّ عن ربيعة عند المصنِّف: «جاء أعرابيٌّ» [خ¦2437] وعند ابن بَشْكوال أنَّه بلالٌ، وتُعقِّب بأنَّه لا يقال له: أعرابيٌّ، ولكنَّ الحديث في أبي داود، وفي رواية صحيحة: «جئتُ أنا ورجلٌ معي». فيفسَّر الأعرابي بغيرِ أبي مالك، ويحتملُ أنَّه وزيدُ بن خالد سألا عن ذلك، وكذا / بلال، وفي «معجم البغوي» وغيره بسندٍ جيِّدٍ من طريق عقبة(2) بن سويد، عن أبيه، قال: سألت رسول الله صلعم (عَنِ اللُّقَطَةِ) قال في «المقدمة»: وهو أولى ما فسِّر به المبهم الَّذي في الصَّحيح (فَقَالَ) صلعم : (عَرِّفْهَا سَنَةً) ظرفٌ، أي: في سنة (ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا) بكسر الواو وبالهمز ممدودًا، خيطَها الَّذي تشدُّ به، والفاعل ضمير الملتقطِ السَّائل بمعنى إذا وجدتها (وَعِفَاصَهَا) بكسر العين المهملة وبالفاء والصاد المهملة، الوعاء الَّذي تكون فيه النَّفقة جلدًا كان أو غيره (ثُمَّ اسْتَنْفِقْ) بكسر الفاء وجزم القاف، أي: استمتِع (بِهَا) وتصرَّف فيها (فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا) مالكها (فَأَدِّهَا إِلَيْهِ. قَالَ) الرَّجل: (يَا رَسُولَ اللهِ فَضَالَّةُ الغَنَمِ) ما حُكمها؟ (قَالَ) صلعم : (خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ) إن أخذتَهَا (أَوْ لأَخِيكَ) يجدها فيأخذهَا أو مالكهَا (أَوْ لِلذِّئْبِ) إن لم تأخذْها أنت، أو غيرك، أو مالكها، والمراد التَّحريض على أخذهَا حِفظًا لحقِّ صاحبهَا (قَالَ) الرَّجل: (يَا رَسُولَ اللهِ فَضَالَّةُ الإِبِلِ) ما حُكمها؟ (قَالَ) زيد بن خالدٍ: (فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلعم حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ) من شدَّة الغضبِ (أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ) بالشَّكِّ من الرَّاوي (ثُمَّ قَالَ: مَالَكَ وَلَهَا؟) استفهامٌ إنكاريٌّ مبتدأ، والخبرُ في المجرور، أي: ما كائنٌ لك، و«لها» معطوف على «ما لك» أي: لمَ تأخذها وهي مستقلَّةٌ بمعيشتهَا (مَعَهَا حِذَاؤُهَا) بكسر الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة (وَسِقَاؤُهَا) بكسر السين المهملة ممددًا، وهذا من المجازِ عبر صلعم للرَّجل بما يفهم منه المنعَ من أخذها؛ لأجل الحفظ والسِّقاء وهو خفُّها وكرشها مع صبرها (حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) مالكها، فهي لا تحتاجُ إلى حفظٍ لأنَّها محفوظةٌ بما خلقَ الله فيها من القوَّة والمنعةِ، وما يسَّر لها من الأكل والشُّرب.
          والحديثُ سبق في «اللُّقطة» [خ¦2427].


[1] في (ع) و(د): «النبي».
[2] في (ل): «عن عقبة».